إيمان عزمي
الفصل الثانى : صراعات فى القلوب
الحلقة الاولى
فتحت سهير عينيها بصعوبة و هى تشعر بكل ذرة فى جسدها تصرخ ألما. لم تستطع أن تتبين ملامح المحيطين بها، فعادت و اغلقتها للحظات و هى تسمع صوتا مضطربا يتصنع الهدوء قريبا منها يقول: _ سوف تسترد وعيها كاملة بعد لحظات. تبينت أن الصوت لشامل الطبيب التى سمعته يهمس: _ ممنوع الحركة لمدة اسبوع. و حين فتحت عينيها مرة أخرى وجدته جالسا على حافة السرير بالقرب منها و فى عينيه حزن شديد تعجبت منه و هى تسأل نفسها عما إذا كانت حالتها الصحية هى السبب فى حزنه أم شئ أخر لكن سؤالها لم يغادر عقلها قط إلى لسانها، فقد رأت أن ذلك الحزن ربما يكون من خصوصياته ففضلت ألا تحرجه أمام أحد. و ألتفتت تبحث عن زوجها. فرأته منزويا بالقرب من نافذة الغرفة و علامات الحزن و الخوف محفورة على وجهه. اشاح بوجهه بعيدا عنها بمجرد أن تلاقت نظراتهما و ما هى إلا لحظات حتى وجدته يندفع خارجا من الغرفة، فنظرت لشامل كي يلحق به، فقال و هو يقف موجها كلامه إلى اخته التى كانت تجلس على الطرف الاخر من السرير: _ فلتعتنى بها حتى أعود. و غادر خلفه. .~.~.~. إندفع شامل خلف جاره و قد علفته هالة من الحزن تفوق ما يمكن أن يتصوره أى انسان. كان حزينا لحزن ماجد و حزينا لما يمكن أن يحدث لها حين تعلم باجهاضها و حزينا أشد الحزن للسعادة الشديدة التى كانت ترقص فى عقله منذ فقدانها الجنين الذى كان يرى أنه سيزيد من أرتباطها بزوجها لو كان عاش، و عاوده الشعور بالخيانة ليس لذلك الحب الذى احتل قلبه دون استأذان و ليس لانه يكاد يفقد عقله من السعادة لفقدها لجنينها و لكنه كان يعتقد أنه السبب فى فقدها له بتقصيره عن عمد فى عملية انقاذه و تناسى تأثير الرحلة الطويلة عليها و كذلك حالتها النفسية السيئة .. فقط كان يشعر بعقدة الذنب تهاجمه كخلية نحل ليس لها هم فى الحياة إلا إلحاق أشد الالم به هو وحده دون غيره. فلم يكن لأحد أن يشعر بعذابه .. لا ماجد غريمه، و لا قمر أخته و الاهم منهما سهير. و رغم ذلك شعر أن عذابه هو نقطة فى محيط عذاب جاره لذا وجد نفسه مشفقا عليه اكثر من أشفاقه على نفسه و يرثى لحاله اكثر من رثاءه على حاله.
.~.~.~.
انطلق ماجد هائما وسط الحقول المظلمة بعد أن تعدت الساعة الثامنة و النصف مساءً، و قد كانت نظرة واحدة له كفيلة بأن تجزم أنه فقد عقله للأبد، فحاول شامل أن يثنيه عن جولته تلك حتى أستطاع أن يمسك بكتفه بقوه و يصرخ فيه قائلا: _ يجب أن تتماسك حتى تستطيع مساعدتها .. إنك لست أول شخص يفقد طفله قبل أن يولد . ثم قال بصوت أهدأ: _ ما حدث لها أمر متوقع بسبب طول مدة السفر التى قطعتها. لكنه بدلا من أن يهدأ أرتفع نشيجه و أرتمى على الارض الرطبة و أخذ يصرخ بصوت هز الحقول الصامتة: _ كيف فعلت بك ِ ذلك و أنا أحبك ؟! كيف؟! بدت الدهشة على ملامح شامل لكنه لم يعلق فقط ربت بيده على كتفه ليخفف عنه بعض من الامه فى الوقت الذي وقف فيه و قال: _ يجب أن اعود لها .. و سوف أرضيها كما تريد . فاوقفه بسرعة و قال بانفعال: _ إن أى انفعال عليها الان فيه خطورة عليها و أنا لن استطيع مساعدتها أكثر من ذلك. لم يعلق ماجد الذى ظل ينتفض و هو يمسح دموعه، فأكمل شامل كلامه قائلا: _ من الواضح أنك ارتكبت خطأ فى حقها و لكن تسرعك فى اتخاذ اى خطوة لإصلاحه الآن سوف يسبب لها مشاكل نفسية هى فى غنى عنها. الأن عليك أن تركز اهتمامك على رعايتها و تؤجل أى موضوع حتى تسترد كامل صحتها. و على عكس ما كان يعتقد شامل لم يكن ماجد يفكر في إجهاض سهير و هما فى طريق العودة لشقته، و لكن.. ((_ كيف سمحت لنفسي بخداعك؟ لابد أنكِ تكرهيني بشدة.)) لكن الندم الذي شعر به في تلك اللحظه لم يكن كافيا لديه ليعيد له الامل الواهي بأن تعشقه كما يعشقها. و ما أن أقترب الرجلين من باب المنزل حتى قال شامل: _ عليك المغادر مبكرا لإحضار طبيب نساء من المدينة للكشف عليها. أومأ ماجد برأسه بالايجاب، فأكمل قائلا: _ و الان عليك بالجلوس هادئا فى الغرفة، فإذا رفضت وجودك عليك المغادره في هدوء. و لكن حين دخلا كانت سهير قد عادت للنوم و قمر تجلس نائمة على مقعد بجانب سريرها هى الاخرى، فانسحب الرجلين من الغرفة إلى الغرفة المجاورة. و ما أن دخلاها حتى شعر شامل بأن شخصية الطبيب الصديق التى كانت تتحكم فى كل تصرفاته السابقة مع ماجد قد أنخلعت عن نفسه كعبائة بالية دون إرادة منه ليحل محلها عبائة المحب الغيور. و بات ليلته مسهدا .. تحرقه الغيرة من ذلك الزوج الراقد بجانبه على السرير و تحرقه اشواقه التى كانت تحاول أن تدفعه دفعا كى يتسلل إلى غرفتها ليتطلع اليها و هو يجاهد و يمنعها، و لم يشغله عن تلك المشاعر سوى محاولة تذكره لكل الكلام الذى كان ماجد يتحدث به عنها قبل أن تأتى و قد كان كلاما كثيرا لكنه ما كان ينتبه له قط. كان يحاول فى تلك اللحظة أن يستكشف شخصيتها و طباعها و سؤال واحد يتردد فى عقله باستمرار. هل يمكنها أن تستمر فى زواجها بعد كل تلك الاحداث ؟! خاصة و قد كان واضحا له بعد كلام ماجد معه من أنه قد جرحها جرحا لا يغتفر.. لكنه لم يستطع أن يتوصل لإجابة و لم يكن وحده هو الذى يفكر فى مستقبل زواجهما بل كان يشاركه ماجد فى حيرته و رغم أن كل منهما اخذ يفكر فى إجابة ذلك السؤال طوال الليل إلا أنهما لم يستطعا أن يتوصلا إلى إجابة له.. لا زوجها الذى يعرف طباعها و لا شامل الذى يجهل شخصيتها . .~.~.~.
يتبع
التسميات: edit post
6 تعليقات
  1. جميلة جدًا يا إيمان
    :D
    ان شاء الله هتابعها وهحاول أقرأ الأزاء السابقة
    مودتي..


  2. أخي أحمد اسعدني أنها اعجبتك
    و في انتظار رأيك في باقى الحلقات
    أختك
    صمت المكان * صخب الكلام


  3. غير معرف Says:

    بقدر الحيرة التي تملكت شامل تتملكني حيرة مماثلة عن سبب تعلق شامل بها بهذا الشكل هل ترى كان حالها كذلك يعبر عن حالة نفسية له تشابهت معها فأراد الارتباط بها؟ هل له غرض في استغلال النساء الضعيفات ليمارس هو سلطته عليها بعد طلاقهاإن حدث هذا الطلاق ؟
    ما زالت الصورة مشوشة لديّ لكن لعل هناك سببًا يختفي في باطن الرواية ماعليّ سوى الانتظار. الرواية مشوقة وفي نفس الوقت تحتاج إلى أسلوب أكثر احترافية ... بالتوفيق


  4. السلام عليكم
    الاخت او الاخ غير المعروف التى أو الذي لم تت أو يترك توقيع تحية طيبة و بعد
    الامر لا يحتاج الى كل تلك الحيرة فشامل وقع فى الحب من اول نظره هذا هو كل شيء
    دمتي أو دمت بود


  5. غير معرف Says:

    الرواية تحتاج إلى تكثيف أكثر فالترهل بدأ يتسلل إليها نعم الرواية فن يفعل الكاتب فيه كل شيء لكني أشعر ببطء نسبي في الأحداث .
    في تصوري المتواضع لا حيرة من موقف شامل فهناك حالات تنتاب الإنسان يكون اندفاعه في الحب نتيجة مجموعة تراكمية من المشاعر والمقدمات التي يتركها المؤلف للمتلقي كي يستنتجها أو يمكن أن يفصح عنها هو في الوقت الذي يراه مناسبًا .
    بالتوفيق عزيزتي ....أحمد محمد راشد


  6. كيف حالك أحمد؟
    الاحداث بطيئة ربما لأنك تقرأها فى شكل حلقات و ليس فصول أو ربما لانك تستعجل النتيجة لان من قرا الفصل كاملا خاصة الثاني أثنى عليه كثيرا و على كمية الاحداث التى به ..
    شكرا لك على دعواتك الدائمة لي
    تحياتي لك