إيمان عزمي
الدرس الثاني
إظهار العبقرية
هل العبقرية حكر على أحد؟
الإجابة المؤكد لا.. فلا أحد يحتكر العبقرية لنفسه .. بل لا أحد في العالم لا يمتلك العبقرية بأي صورة كانت .. تقول بعض الدراسات أن جميعنا كبشر نمتلك مواهب و كل منا يبرع في موهبة ما و تكون تلك الموهبة هي سر عبقريته .. و حتى ذوي الاحتياجات الخاصة تجدهم يمتلكون مواهب بل بعضهم يملك مواهب متعددة.
و في جلسة بسيطة مع نفسك ستجد أن هناك العديد من الأشياء التي يمكن أن يتفرد فيها كل شخص فينا و يحقق فيها نجاح مبهر كل حسب إمكانياته فمثلا على سبيل المثال لا الحصر: هناك من يبرع في البيع و الشراء و هناك من يبرع في الرسم و هناك من يبرع في الرياضة و هناك من يبرع في الغناء و هناك من يبرع في الطبخ ( و هو ليس حكر على المرأة) و هناك من يبرع في الأعمال المنزلية .. إلخ.
إذا داخل كل منا شخص عبقري، كيف نكتشفه؟
من المعروف أن الأسرة عليها الدور الأكبر في الاكتشاف المبكر لهذا الكائن العبقري بداخلنا ، لذا عليها أن تقدم الدعم للطفل من الصغر لاكتشاف مواهبه.. و على الأم و الأب أن يهتموا بملاحظة طفلهم في السن الصغير ليكتشفوا اهتماماته و في حالة عدم ظهور أي اهتمامات سواء رياضية أو فنية.. عليهم أن يعلموا أن طفلهم في حاجة إلي دراسة أعمق لإمكانياته حتى يتوصلوا لموهبته فإذا لم يجدوها فعليهم ألا يعتبروا أن ذلك نوع من الفشل و أو أن طفلهم غبي أو غير طموح أو غير موهوب ، بل عليهم أن يتيقنوا أن طفلهم يمتلك إمكانيات مختلفة عن أقرانه و أن موهبته ربما تظهر في سنوات دراسية لاحقه أو حتى بعد التخرج و أثناء حياته العملية.. فقط عليهم ألا ييأسوا.. و يظلوا على اقتناع أن بداخل ابنهم عبقرية نائمة.
و هنا يجب أن نعرف أن لكل مرحلة متطلباتها ففي الصغر يكون الدور الأكبر على الأسرة فعلى الأسرة أن توفر أدوات الرسم لطفلها إذا رأت حبه للألوان و الصور أو الأجهزة الموسيقية كل حسب إمكانياته المادية إذا أحست بأذنه الموسيقية أو توفر له ملابس و أدوات الرياضة بل و عليها أن تساعد طفلها على الاشتراك في الأنشطة داخل المراكز الرياضية و النوادي و هذا كله قبل الالتحاق بالدراسه.
نأتي لمرحلة أخرى هي مرحلة المدرسة و هنا يتوزع الدور بين الأسرة و المدرسة و على الأم أن تكون واعية لاهتمامات الطفل داخل المدرسة و تتابع مع المدرسين قدرات طفلها ليس الدراسية فقط و لكن عليها أن تعطي لابنها فرصة الاختيار لنشاط محدد كي يشترك فيه و لا تعتبر هذا النشاط عامل هدم للطفل و سيعطله عن دراسته فكثيرا ما كانت الموهبة حافز يحبب الطفل في المدرسة بل عليها كأم و عليه كأب أن يستغل النشاط الترفيهي لابنه في الدراسة.
أما مرحلة الجامعة فيبدأ المراهق في اتخاذ قراراته و هنا يصبح جزء كبير من البحث عن الموهبة عائدا له فهو وحده القادر على استيعاب قدراته و إمكانياته و تحديد مسار حياته. إذا علينا أن نعرف أن كل مرحلة في حياتنا تتطلب منا أن نبحث عن مواهبنا التي تحقق كامل السعادة لنا فنعتمد على الأسرة بصورة كبيرة في الصغر و مرة أخرى سيكون الاعتماد الأكبر على أنفسنا و ذلك في مراحل عمريه متقدمة.. و لا يعني تنقل الشخص من نشاط لآخر في مراحل حياته المختلفة أنه لا يملك أي موهبة بل هذا يعني أنه في الطريق السليم لإيقاظ الكائن العبقري النائم بداخله.
كيف تبحث عن عبقريتك؟
ربما هذا السؤال يراود الكبار أكثر من الأطفال.. فهو سيراودهم مرتين: مره لابناءهم و مره لأنفسهم.. طيب لو قلنا للأبناء: هتقول البداية بتكون بتوفير كل الإمكانيات زى ما ذكرت سابقا.. كراريس و أقلام و ألوان و لبس رياضه و اشتراك نادى أو مراكز شباب و أشركهم في الأنشطة المدرسية..
طيب إزاى و أحنا كبار بقى نكتشف مواهبنا؟ أول حاجه لأننا كبار فلازم نتعامل مع الموضوع بطريقة مختلفة و الطريقة المختلفة مش مكلفة غير ورقة و قلم.. ايوه ورقه و قلم كل واحد فينا يجبهم و يبتدي يكتب الأشياء اللي بيحبها و بتخليه يحس بالسعادة و الأشياء اللي بيتمنى يمتلكها و الأشياء اللى بيتمنى أنه يحققها و من خلال قراءتنا للورقة دي هنبتدي نشوف طريقة تفكرنا ازاى و اهتماماتنا في اى اتجاه. بعضنا هيلاقى انه بيهتم بالرياضة فيحب يسمع كل أخبارها و يقرأها و.. و .. إلخ يبقى هنا تكمن عبقريته و يمكن استغلالها بطرق ووسائل مختلفة في أن الشخص يشتغل مثلا محلل رياضي أو كاتب مقالات رياضيه أو يعمل باي برنامج رياضي أو صحيفة رياضيه. و هكذا كل موهبة عندنا ممكن نستغلها في عمل ما فتتحول مواهبنا لوظائفنا التي نعشقها و قد نتمتع باستغلال مواهبنا بجانب أعمالنا.
نقطه مهمة قد يفهمها الآخرين بصورة غير صحيحة حيث يعتقد البعض أن وجود الموهبة وحده كفايه.. لكن الواقع بيقول إن موهبة من غير تنميه و تخطيط و تنظيم يبقى موهبة لا قيمة لها. بل يرى البعض أن الموهبة مثل الطفل الصغير تحتاج دائما إلي رعاية و عناية خاصة و مستمرة.
إذا لا يكفي أن نمتلك الموهبة بل علينا أن نسعى لتنميتها باستمرار بكل الوسائل الممكنة. و هنا يأتي دور الفرد في حالة اكتشافه لموهبة ما لديه و كل موهبة لها طريقه مختلفة في التنمية و من هنا هيكون موضوع حلقتنا القادمة.. و هو كيف تصبح كاتب؟ ....................................
التسميات: 0 التعليقات | edit post
إيمان عزمي
شتات
********
اسكن بين ربوع اليأـس .... ينساب العمـر المسمــوم
و يزيد المحترف القتــل .... حتى يصير الجسد ضمور
تتعالـى أصوات الصمـت .... تتـحـول آمـالـي جنـــــون
يا أيهـــا الدمــع الجـاف .... لا تنهمــــر علـى الأخـداد
مات الحلم مع الأمــوات .... حتى صـار الحلـو شتـات
التسميات: 0 التعليقات | edit post
إيمان عزمي
تآكل
******
تتآكل احلامنا رغم تآكل المسافات بيننا..
تنهزم الذكريات أمام أشواك الواقع
و تنزوي الامآل خلف باب اليأس،
فتتكاثر اشياءنا المحطمة رغم تعاظم الشوق.
التسميات: 0 التعليقات | edit post
إيمان عزمي
الدرس الأول
نحن لا نبدأ بالكتابة العبقرية
أول حاجة لازم أي حد يعرفها إن مفيش حد بيتولد بيكتب بعبقرية علطول بدون ما يكون في مسببات توصله للعبقرية دي.. و الكلام ده لا يتناقض مع وجود أطفال عباقرة، فالطفل العبقري لا تظهر عبقريته دون وجود خلفيه للعبقرية دي و الخلفيات ممكن تكون سبب واحد أو أكثر من سبب يعني نلاقى إن في أكثر من كاتب في عائلته قد لا يكون حد منهم مارس الكتابة باحترافيه أو حتى حاول ينشرها بأي وسيله لكنه في الأخر بيكتب.. قد يكون حد من أسرته أو عائلته يهوى كتابة الخواطر أو المذكرات أو الشعر سواء في صغره أو كبره و احتفاظه بكتاباته طي الكتمان.و ممكن يكون حد في محيطه الأسري يهوى أي نوع من أنواع الفنون فالفنون ترتبط مع بعضها بعلاقة قوية و قد لا يكون كل ذلك فممكن يكون هناك هواية القراءة و الإطلاع. حتى إن بعض الدراسات أثبتت إن الجنين يشعر بالأغاني و القراءة و هو في رحم أمه و بعض الدراسات أوصت بتشغيل القرءان الكريم بجوار نساء حوامل لما له من أثر كويس على الجنين. و لو وقفنا قدام مسببات العبقرية لن نتوقف عن الشرح أبدا لكن اللي يهمنا من النقطة دي إن أي حد يكتب لازم تكون له خلفيه قبل بدأه بالكتابة العبقرية.
نيجي بقى لنقطه مهمة ثانيههل كل الناس تبدأ بالكتابة العبقرية حتى لو ليها الخلفيات دي؟ أكيد لا.. لأن في فروق فرديه كثيرة بين البشر، فبعض الناس يكتبوا في سن صغير قد يصل لابتدائي و بعضهم يبدأ كتابة بعد الستين.و لما نيجي نلاحظ الفرق بين الكاتب الذي يبدأ كتابه في السن الصغير و السن الكبير نكتشف إن مفيش حد يكتب بعقريه خالص في بداية حياته:
1_ الكاتب صغير السن جدا: يعني الطفل اللي في ابتدائي بيكون لسه بيتعمل أصول الكتابة فلما نقرأ له أعماله هنجدها اكبر من سنه بكثير و هو ده مقياس العبقرية.. هنا مش إن هو كتب بطريقه خارقه و لكن لأنه كتب بمستوى أعلى من أقرانه.بعض الأطفال لوحظ عليهم إنهم بيكتبوا مش بس أعلى من مستوى أقرنهم و لكن أعلى كمان من مستوى كتاب متمرسين و بعد دراسة حالتهم اكتشفوا إنهم تعلموا الكتابة في سن قبل المدرسة و حظوا باهتمام كبير في تعلم القراءة. بل وجد إن اغلب الاطفال اللى بيتعلموا فى كتاب لحفظ القرءان بيكون متقدمين لغويا و كتابيا لما بيدخلوا الدراسة. إذا هناك إعداد للطفل بيتم بدون قصد بيوصله للمستوى المتميز رغم صغر سنهو بكده ممكن نتوصل إن أي حد فينا لو عنده طفل يقدر ينمي جواه أي موهبة من صغره فيصبح متميزا عن أقرانه.
2_ الكاتب فوق الستين: نيجي للكاتب اللي يبدأ كتابته بعد مثلا خروجه على المعاش نلاقى النوع ده من الكتاب بيكتب باحترافيه عالية جدا كأنه بقاله قرون بيكتب و السبب في ده ليس سبب واحد لكن أهم الأسباب هي حصيلة الخبرات الحياتية مضاف إليها غزارة ما تم قراءته بالإضافة إلي خبرة في كتابة التقارير و الملاحظات في مجال العمل.
نأتي للشريحة الأخيرة من الكتاب و هي الشريحة الأكبر و الأعم و اللي بعتبر نفسي جزء منها
الكتابة بالنسبة للشريحة دي تبدأ في أي سن بمعنى ليس لها سن محدد ..
ظروف الكتابة بتكون هنا أسبابها كثيرة:
1_ بعضها بيرجع للتعرض لظروف قاسيه بتخلي الكتابة أحد وسائل التفريغ عن الأحداث دي.. و بتعد الكتابة في مثل تلك الحالات مثل الدموع التي تهدأ الشخص ..
2_ بعض الأشخاص بتكون ظروفهم إنهم بيقرأوا كثيرا و عايزين يكتبوا وجهة نظرهم فيما يقرأوه3_.. بعضهم بيكونوا مارسوا أكثر من هواية لكن لم تستطع أي منها تحقيق نوع من السعادة المنشودة ما عدا الكتابة ..و العديد من الأسباب الأخرى.
يعني أسباب و بداية الكتابة مختلفة من شخص لأخر حسب الظروف الخاصة بكل كاتب.. و بعض الظروف سعيدة و بعضها تعيسة.الشريحة الأكبر دي من الكتاب لما تبدأ الكتابة بتكون كتاباتهم بسيطة جدا بها الكثير من الأخطاء اللغوية و الإملائية و كمان في رسم المشهد و الإحساس و ساعات بتكون أفكارهم ضعيفة جدا و مكرره.لكن أكثر شيء بيميزهم هو قدرتهم على الكتابة..امتلاك أي إنسان القدرة دي يعد بداية لإمكانية التحول لكاتب و لكن أي نوع من الكتاب؟
الكتابة مش مجرد قصص و روايات و أشعار بس .. الكتابة متنوعة فهناك أيضا المسرح و النقد و المقالات بأنواعها لكن الملاحظ في عالم الكتابة إن أغلب الكتاب يبدوا كتاباتهم بالخواطر لأنها أكثر شيء بتحفز على الكتابة لارتباطها بالمشاعر الداخلية للفرد..و من الملاحظ إن مع الوقت تبدأ دائرة اهتمام الكاتب توسع و كمان اهتمامه بالكتابة يزيد.. بعض الكتاب يتحول عندهم الرغبة في الكتابة لمجرد تفريغ المشاعر إلي رغبة في كتابة الأفضل و من الأفضل إلي السعي خلف قراءة الآخرين لأعمالهم و إعجابهم بها و تحقيق شهره و من هنا نلاقى إن السبب للكتابة يختلف من مرحله لأخرى في حياة الكاتب و على أساس تغير السبب بيكون مستوى تغير و نوعية الكتابة و الأسلوب.إذا الكاتب لا يصبح كاتب بين يوم و ليله و لكن يحتاج للكثير من الوقت و الجهد بالإضافة لخلفية و خبرات أخرى عشان يوصل للعبقرية.. و الدليل على كده إننا ممكن فجأة نسمع عن كاتب متميز و كتابته رائعة و يحقق شهره كبيرة في أقل من سنة تفتكروا عبقريته في الكتابة ظهرت فجأة؟ أكيد لا .. جزء من النوعيات دي من الكُتاب بيكون سنهم كبير و بيكون ليهم أعمال كثيرة سابقة لم تحقق النجاح.. بعضهم بيكون في سن صغير لكن تعرضوا لما يمكن أن نسميه خبره حياتيه مبكرة زي مثلا طفله في الرابعة عشر من عمرها تؤلف كتاب. الطفلة دي لم تأتى على تأليف الكتاب دون اكتساب خبرات تؤهلها لذلك.و بكده نوصل للنقطة المحورية للدرس الأول لا أحد يبدأ الكتابة بعبقرية أبدا بل تتدرج كتاباتنا حتى تصل لمستوى العبقرية.
و من هنا نستفيد إن محدش يستهون بقلمه أبدا لأنك عزيزي الكاتب ممكن تملك قلم أقوى من الحاصلين على جائزة نوبل في الأدب و لكن تحتاج فقط إلى إظهار العبقرية و هذا هو الدرس الثاني من كيف تكتب رواية؟
فانتظروني
التسميات: 0 التعليقات | edit post
إيمان عزمي

أولا قبل كل شيء

ما ساكتبه هنا هو نتاج خبرة حياتيه كتابيه و ليس دراسة اكاديميه لفن كتابة الرواية

لست بالخبيرة فى الدروس و لن أفعل اكثرمن كتابة ما تعلمته خلال رحلة الكتابة

فأنا أكتب الرواية منذ عدة سنوات

بدأتها بالضعف لتنتهى للقوى و مازالت الكتابة تتطور كل يوم مع زيادة الخبرات

إذا هنا يكمن الدرس الاول فى فن كتابة الرواية

تابعوني مع الدرس الاول

نحن لا نبدأ بالكتابة العبقرية

التسميات: 0 التعليقات | edit post
إيمان عزمي
الحلقة الثالثة
التفت محمود للعجوز و هو في وضع الاستعداد للانقضاض عليه، لكنه فوجئ به مكوما علي أرض الشارع و بجواره عكازه و قد أغرقه الدم المتدفق من رأسه. ألتفت ينظر لأهل الشارع في ذهول لكنهم كانوا انصرفوا عنه بمشاغلهم اليومية. كان الشارع هادئا مقارنة بالمشهد البشع للعجوز القتيل. لم يعرف كيف يتصرف؟! هل يجثو على ركبتيه لتفحص العجوز أم يصرخ أم ماذا؟ و أخيرا أطلق العنان لحنجرته، فانتبه له الجميع. انطلقت الصرخات من كل مكان و كأن حوائط المنازل نفسها تصرخ. أطلت النساء من خلف الشبابيك في حذر ضآمين أطفالهم لصدورهن كأن الطاعون أصاب الجميع بينما بدا الرجال على وشك قتله و هم يركضون في اتجاها، فصرخ فيهم:
_ فليتصل أحد بالإسعاف.
أمسكه بعض الشباب من ذراعيه خوفا من هربه بينما جثى أحد الأشخاص على ركبتيه و تفحص العجوز ثم قال و قد جحظت مقلتيه:
_ لقد قتلته.بدا كأن الزمن توقف في تلك اللحظة، و خيل له أن كل الموجودات تحولت لوحوش كاسرة تريد الفتك به و هو يشعر بالأيدي المغروسة في ذراعه بعنف. لم يجد بدا من محاولة الهرب منهم بعد ما حدث، فالتهمة قد لبسته ككفنه. و أخيرا قال و هو ينظر لهم بأسى:
_ فلتتصلوا بالشرطة، يجب معرفة الجاني قبل أن يهرب.
تحرك المعلم سمسم صاحب المقهى القديم بالشارع في اتجاه أحد المنازل و هو يشير لهم أن يدخلوه قائلا:
_ فليبقى أحد معه و ليأتي أحد معي لنراقب الجثة حتى لا يتم تحريكها.
لم يجاوبه أحد من الحضور، فصرخ في فتى المقهى قائلا:
_ هيا يا مرسي.
كانت ساقا الفتى تتخبط في بعضها و حاول أن يحرك قدميه لكنهما تسمرتا. صرخ المعلم فيه مرة أخرى قائلا:
_ هل أبحث عن رجل بدلا منك بين نساء الحي؟
تحرك أخيرا و سار خلفه و هو ينتفض خوفا. خرجا من المنزل فوجدا الجثة كما هي و أقرب شخص لها على بعد خمسة منازل. فاتجه المعلم إلي مقهاه و الفتى في أعقابه و قد اطمئن من بعده عن الجثة. رفع المعلم سماعة الهاتف و اتصل يبلغ مرة أخرى عن الحادثة بعد أن تأخر الإسعاف. و بينما يغلق السماعة إذ بصوت سارينة الشرطة تهز الشارع الصامت، فخرج لمقابلة الضابط.بدأت التحقيقات بسؤال أهل الحي عما حدث فقص الرجال جميعا عليه نفس الأحداث بينما تسابقت النسوة في إضافة و حذف ما ترآى لهن و أخيرا تم التحفظ على محمود.
كان يصرخ و هو يتم إخراجه من المنزل مكبلا بالحديد:
_ فليخبره أحدكم أن الشارع ملعون. فلتتحدثوا جميعا.
لكن لا أحد رد على صرخاته سوى الصمت. و أخيرا نقل للقسم و هو يردد في ذهول على مسامع الضابط دون توقف:
_ الشارع ملعون.. يجب أن يخبرك أحدهم أنه ملعون ، فهكذا أخبروني.
يتبع
إيمان عزمي

الحلقة الثانية

فتح الرجل عينيه و هو يشعر بيد تهزه و صوت يقول:

_ أستاذ محمود، سلامتك ألف سلامه.

بدا محمود منزعجا من إيقاظه خاصة حين اصطدم ضوء النهار بعينيه لكنه ما أن رأي نفسه متكورا على نفسه بجوار باب البناية الساكن فيها من الخارج حتى تذكر الضحكة الشيطانية التي أفقدته وعيه، فأطلق قدمه للرياح صارخا و هو يدفع المحيطين به:

_ دعوني.. دعوني..

غير أن بعض من سكان الشارع قد أمسكوا به فأخذ يلوك لهم اللكمات و العض و السباب حتى غلبته قوتهم فارتمى على الأرض جالسا القرفصاء و هو يلتقط أنفاسه المتسارعة بينما التقطت أذنيه تعليقات سكان الشارع حيث قال أحدهم ضاربا كفا بكف:

_ استغفر الله العظيم. صلي علي النبي يا أستاذ. لقد اتفقنا ألا يدخل غريب لشارعنا ليسكن به حتى لا تتكرر...

فقطع حديثه رجل بدا من مظهره أنه بائع الطعمية قائلا:

_ وحد الله، نحن لا نريد لك الأذى.

هنا انطلقت رأس مشعثة من بين الرؤوس الناظرة إليه لتقول صاحبتها التي بدت في مظهرها أقرب لمتسولات الشوارع المجنونات:

_ كان رجل طيب. نفسه الأخير صعد أم مازال سيعيش؟

هنا زجرها صاحب رأس أخرى أطلت من بين الرؤوس الكثيرة المحيطة بي يبدو أنها لزوجها:

_ اعتدال، الملافظ سعد.

فقضبت جبينها و آثرت الصمت، بينما وجه الرجل كلامه له تلك المرة قائلا:

_ ماذا حدث أستاذ محمود؟ازدرد محمود ريقه ، فها هم أهل الشارع جميعا قد علموا باسمه الذي سيقرن فيما بعد بفضيحة ركضه و صراخه كالأطفال يتندرون فيما بينهم بها حين لا يجدون ما يسليهم في ليالي الشتاء المملة. كانت كل قطعة من جسده تسرب العرق كحنفية مياه منزوعة الجلدة، فحاول أن يستجمع أفكاره، فكيف يخبرهم بما حدث له و هو غير مصدق أن ما تعرض له ليس من وحي خياله؟! و أخيرا وقف و هو يعدل من هندامه و قال:

_ لا شيء. لا شيء.

و كاد أن ينسحب من المكان غير أن واحدة من سكان الشارع قالت و كأنها على وشك الأنقاض عليه:

_ حسبنا الله و نعم الوكيل. لقد أعدت اللعنة لشارعنا.

تلفت محمود نحوها ليتبينها لكن ما لفت نظره عنها هو الجزع الذي احتل وجه الرجال و النساء حوله و صرخات الأطفال الصغار. فصرخ فيهم قائلا:

_ أية لعنة؟! ما هذا التخريف؟!

لم يجاوبه أحد فقد انفض الجميع من حوله كأنه أصيب بالجذام، فانصرف الرجال لأعمالهم و انصرفت النساء لتهدأة صرخات الصغار بينما بدا شباب الشارع كأنهم يتحدثون عنه من نظرات عينيهم الفضولية اتجاهه لكنه لم يعبأ، فقد قرر أن يعود إلي شقته ليأخذ حماما دفيء لكن ما أن تحرك حتى وجد جاره المحاسب العجوز قد وصل إليه قائلا بحنق و هو يلهث من فرط الركض وراءه:

_ ألم أحذرك من النزول من المنزل بعد منتصف الليل؟

أشاح محمود بوجهه عنه قائلا بصوت خافت و هو يمضي في طريقه:

_ عجوز مخرف.

هنا شعر بشيء يصطدم برأسه بقوة فأطلق صرخة ألم و ألتفت ليمزق العجوز الذي ضربه.

يتبع