إيمان عزمي

إيمان عزمي
التسميات: 0 التعليقات | edit post
إيمان عزمي
نظراتها
(خاطرة من داخل قلبه)
امسك بفنجان قهوته ليرتشف منها الرشفة الأخيرة لكن ملامحها التي تصر على ملاحقته كلما حانت تلك اللحظة جعلته يعيده إلى الطاولة للمرة العاشرة. باغتته نظراتها الغاضبة كأنها المرة الأولى. حاول أن يهديء من روعها لكن عندها آبى. حتى في خياله تعانده. _ آه من ذا الكف. امسكه، ضمه إلى شفتيه يلثمه فاستسلم على غير العادة. حرمته منه في حياء و أعطته الكثير بلا حدود. كم يشتاق إلى نظراتها. تلك النظرة المتحدية لكل شيء و كل إنسان. نظرة الغرور في عينيها. نظرة الشوق التي لم يراها قط. تسللت نظرتها الحالمة إلي شفتيه فتبسم. كم ود كثيرا أن يتبعثر بين يديها حتى يرى تلك النظرة. _ أين هي؟ قالها و أخذ يفتش في جيوبه بعصبية حتى وجدها. نزع غطاءها الخارجي و أخرج واحدة ليشعلها لكن نظراتها العاتبة أخجلته. لفظها من بين شفتيه إلى الطاولة. لطالما كرهتها و تسببت في شجارهما كثيرا. عاد ليفتش في جيوبه بعصبية أكثر. _ أخيرا. امسك بالقلم و أعاد السيجارة لبيتها ثم رفع القلم فسقطت منه جملة واحدة على العلبة: _ احبك أكثر.
التسميات: 2 التعليقات | edit post
إيمان عزمي

عاشق الوقت

معروفا عنى عشقي للوقت. نعم. ألم تقابل أحد يعشق الوقت من قبل؟ اعتقد أنك لو عشت في مصر فإن ذلك النوع من العشق هو أندر الأنواع هنا على الإطلاق. و لأني اعشق الوقت ذلك العشق الذي تعلمته من والدي فقد اعتدت على تنظيم حياتي بمنتهى الدقة الاستيقاظ الساعة كذا و النوم الساعة كذا، حتى وجبات طعامي اعتدت أن يكون لها مواعيد منتظمة، فإذا تأخر الميعاد فإن الكارثة تحل على معدتي التي ترفض تقبل أي طعام إلا في ميعاد الوجبة التالية. في المدرسة كنت أكثر التلاميذ التزاما بمواعيد الحضور و اقلهم غيابا و لا أخفى عليك أن عشقي للوقت كان يقابله زهد في الدراسة، فما أمسكت بورقه و قلم قط لأذاكر إلا في مواقيت الامتحانات فقط. و ربما تلك العادة ليست من طباعي و لكنها مكتسبه بحكم العشرة لزملائي فقد كنت و مازلت شديد الشغف بالقراءة. تناقد غريب أليس كذلك ؟! هكذا نحن المصريين أكثر شعوب العالم تناقضا. أما في الجامعة فقد كنت أصل قبل ميعاد المحاضرة بنصف ساعة و هههه لم أكن احضرها بل أجلس لأستمتع بيومي في ساحة الجامعة بين شلة الأصدقاء و رغم ذلك تخرجت من الجامعة بعد أن كان الجميع قد اقسموا على أنني سأصبح معيد بها. انتظر. لا تفهم معيد خطأ، إنني أقصد معيد، هاه .. معيد .. فهمت: يعني تخرجت من غير ما أعيد أي سنه دراسية. نأتي للمرحلة الأخيرة من حياتي. لا أعرف لما سميتها الأخيرة و لكن ربما لأنها الأخيرة ؟؟ كنت قد تخرجت كما أخبرتك دون أن ارسب و لكني تخرجت بالتقدير العام الشعبي_ مقبول، فأنا لا أحب العنتظة ، فلماذا اترفع عن الشعب و لماذا أكون أفضل منهم؟ بدأت رحلة الكفاح الحقيقية بالبحث عن عمل و كما هو معروف دخت السبع دوخات. مش عارف ليه همه سبعه، بس .. احتمال يكون السبب إن عدد أيام الأسبوع سبعه. على العموم دي مش مهم. اصل كل الإجابات جائزة. و في أحد الأيام بعد أن انتهيت من الإفطار و عدت إلى غرفتي لأقرأ الجرائد قرأت و أنا اشرب فنجان القهوة الذي يلازم شفتي ليل نهار منذ تخرجي و لا تسألني لماذا يلازمك؟ فإنه أفضل من ملازمة السيجارة لي كما يقول والدي. ألا تتفق معي أنه كذلك؟ يعني بحاول أحافظ على الباقية الباقية من صحتي المعدومة من كثرة البحث عن وظيفة تناسبني. المهم نعود لكلمنا .. هو أحنا كنا بنقول إيه؟ آه افتكرت. قرأت في أحد الجرائد إعلان عن طلب سكرتير. حمدا لله أخيرا وجدت الوظيفة المناسبة لي. و السكرتير في بلدنا شيء غريب أصل الوظيفة دي عندنا مقصورة على الستات و متفهمنيش غلط . احنا عندنا ستات بميت راجل. كلام في سرك أكثرهم أرجل من الرجالة. شوش متضحكش و لا تعلق أحسن واحده منهم تسمعنا و تفهم غلط و تبقى وقعتنا ألوان الطيف. و كالعادة قمت بإعداد نفسي جيدا للتقدم للوظيفة: نمت مبكرا كالعادة في الثانية صباحا و استيقظت مبكرا كالعادة في الواحدة ظهرا. تناولت إفطاري المعتاد في الواحدة و الربع ثم تناولت غداءي المعتاد في الرابعة و النصف مع أسرتي. أما عن الوجاهة، فممكن أقول لك إني غسلت شرابي و منديلي إلى هحطه في البدلة بأيديا الاثنين بصراحة كان مجهود لأني بعد كده جبت البدله من عند المكوجى. ارتديت ملابسي و كنت جاهزا قبل ميعادي بساعة طبعا والدتي فضلت تدعي لي دعوات الدنيا و الآخرة و تزفني إلى باب الشقة و أغلقت خلفي الباب و الدمعة تفر من عينيها. حقا إنها أم لا تعوض. زعلانه علشان مش لاقى شغل. طبعا لازم يجلها اكتئاب ما أصلها صعب قوى إن راجل ملو هدومه ذيّ عنده 28 سنة و لسه بيدور على وظيفة محترمه مع إن المفروض أكون دلوقتى بدور على عروسه محترمه. آآآه و ألف آآآآه. كنت قد حسبت الوقت الذي سآخذه من منزلي حتى مقر الشركة التي سأتقدم لها و لأن ميعاد مقابلتي كان الساعة السابعة مساءَ فقد حرصت أن أعطى نفسي وقت كافي تحسبا للظروف. و وصلت للعنوان و كان غريبا عنى فأخذت الكثير من الوقت تبعا للوصفة التي وصفتها لي السكرتيرة تلك الوصفة التي كانت مكتوبة في ورقة موضوعة على المكتب أمامها و تقرأها لكل متصل. و كالعادة وصلت أمام باب الشركة قبل ميعادي بخمس دقائق فاستقبلتني السكرتيرة بابتسامة أثلجت صدري الذي كاد يتمزق من حرارة الصيف و كثرة بحثي عن العنوان. المكان جميل و منظم و المهم السكرتيرة الحسناء التي كانت في استقبالي و قد أخذتني ملامحها بعض الوقت عن الكلام . كانت شديدة البياض، لبسه لينسيز زرقاء و شعرها كان مصبوغ احمر من إلّى يروش. طبعا فضلت متنح لها ثم قلت لها أسمى بعد أن انتبهت على صوت ساعة الحائط الذي دق معلنا الساعة السابعة. نظرت هي المفكرة التي أمامها ثم جحظت عينيها فتوجست خيفة من ردة فعلها الغريبة و حاولت أن أبدو متماسكا فها هي البداية شؤم خاصة و قد علقت بقول : _ غريبة. لكنها سرعان ما قالت: _ تفضل و أشارت لي بالجلوس، فحمدت الله أنها اجلستنى لكني لم أجروء على سؤالها عن سبب تغيرها خاصة و أنها غادرت مكتبها و اختفت في احد المكاتب الذي لمحت منه لمحة صغيره افهمتنى أنه مكتب المدير. خرجت السكرتيرة و على وجهها ابتسامة أخرى زادتني انتعاشا أكثر من سابقتها ثم قالت: _ تحب تشرب إيه؟ كان نفسي أقول لها: _ أشرب شربتنا . بس إزاي . طبعا رديت بأدب و اعتذرت رغم إلحاحها الذي فهمت سببه بعد ذلك و طبعا تمنيت إني ما كنتش اعتذر. بس تقول إيه مغفل. مش أنته طبعا اقصد أنا. و كعادتي جلست صامتا لا أحاول أن افتح أي موضوع معها سواء لتضييع الوقت أو حتى لإبداء إعجابي بها أو لمعرفة أي شيء عن الشركة التي لم أكن قد عرفت بعد مجال تخصصها. لكنها فجأة قالت بعد أن طال الصمت بنا فقد كنا نجلس وحدنا في المكتب: _تعرف أنك الوحيد إلى جيه في ميعاده. قلت لها: _ ما أنا عارف. طبعا خفت تفتكر أنى مغرور. فقلت بسرعة: _ اصل أنا بحب أجي دائما قبل ميعادي. عاده و ما أحبش أغيرها. _على فكره المدير هيستقبلك حالا. حالا. يجب أن أتوقف عند تلك الكلمة كثيرا. تخيل كلمة حالا دي طلعت تساوى نصف ساعة انتظرتها جالسا مع السكرتيرة الحسناء تحدثني فيها عن العمل و عن الشركة و قصة كفاح المدير. صحيح على رأيك يا شويكار _ شيء لا يصدقه عقل. أن اصل في ميعادي شيء تعجبت منه السكرتيرة و بعد ذلك المدير المحترم. أما أن ادخل في ميعادي لمقابلته فقد احتاج الأمر لنصف ساعة. أنت عارف لولا أنى كنت محتاج الوظيفة كنت مشيت و ما قبلتوش لكن النصيب يصيب. و فضلت طول ما أنا جالس انظر في ساعتي ثم أعود و انظر في ساعة الحائط المواجه لي حتى جاء تليفون للسكرتيرة أغلقت بعده السماعة و قالت لي: _ أتفضل المدير في انتظارك. أنا لما قلت لى الجملة دي كنت هصوت من الغيظ. بجد هو إلى في انتظاري أمال أنا بعمل إيه طول النصف ساعة الماضية و دخلت. رجل طويل، بشوش، صافحني بحرارة كأنه يعرفني ، لكنه لم يعتذر عن لطعي بالخارج و تغاضيت عن الأمر فشكل الشركة جيد. بدأ يسألني عن مؤهلاتي و خبراتي التي كانت جميعها تنحصر في الجلوس في المنزل لأني دائما مفلس و علي توفير المصاريف علشان المصروف إلى بخده من والدي يدوبك بيقدى ثمن السجائر اللف.. أقصد ثمن القهوة إلى بشربها ديما في غرفتي و أعاد علي كل ما سمعته من السكرتيرة الحسناء حتى جاء وقت حديثه عن المرتب و طبعا أخيك كان ونون الشغل كثير و أكيد الشركة مش هتستخسر تدى فلوس على قد المجهود. أنا عارف أنى ديما بتعرض لصدمات بس المرة دي كانت صدمه شديدة قوى قال إيه المرتب 200 جنيه كله على بعضه. طبعا قلت في سرى أكيد الراجل ده بيهزر. بس هوه كان بيتكلم جد. قلت عايز يطفشني، بس ليه مهو لو مش عايزني كان من الأول ما دخلنيش. كانوا قالو لي إن الوظيفة انشغلت. و لأن دمى أتحرق بشده قررت أنى انتقم من المدير و احرق دمه هوه كمان و فضلت ساعة أرغى في كل ما تتوقعه و ما لا تتوقعه و قد حاول كثيرا أن ينهى المقابلة لكنى كنت غلس جدا جدا، و فجأه وقفت و قلت له: _شكرا وظفتك ماتناسبنيش. و خرجت و سبته بيغلى، أما أنا فقد شعرت بالسعادة الشديدة لتضييع وقته لأنه ضيع لي وقتي الثمين الذي اقضيه في غرفتي على سريري و معي سجا.. اقصد معي فنجان القهوة إلى بيعدلى دماغي. قال إيه عايز يديني 200 جنيه. طب بزمنك المتنايه دي تكفى ثمن القههههههوة الى بتتنفسها دي.