إيمان عزمي
الفصل الرابع معصية آدم و معصية إبليس
يدور هذا الفصل حول الفرق بين معصية آدم و إبليس و يجيب الفصل عن سؤال: لماذا غفر الله لآدم و لم يغفر لإبليس؟ حيث يوضح أن آدم و حواء حينا عصيا الله سبحانه و تعالى لم يصرا على المعصية بل اعترفا بذنبهما و طلبا المغفرة و الرحمة من الله لأنهما إن لم ينالهما منه فإنهما يكونا من الخاسرين لذا قبل الله توبتهم التي أساسها عدم العودة إلي المعصية. وعلى النقيض نجد أن إبليس لم يعترف بذنبه بل عصى و تكبر. { قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } الآية 12 سورة الأعراف. و أصر على معصيته و قال أنه سيغوي الإنسان. و تشريع التوبة رحمة من الله بعباده لأنه سبحانه و تعالى إن لم يشرع باب التوبة لازداد كل من يرتكب معصية في معاصيه، فمادامت لا توجد توبة و مادامت المعصية تؤدي إلي الخلود في جهنم فكل من أرتكب معصية واحده سيملأ حياته بالمعاصي ليأخذ نصيبه من الدنيا مادام لا أمل له في الجنة و هو ما يعني شقاء المجتمع فالتوبة إذا حكمة ألآهية، فالحسنات تذهبن السيئات و التوبة و عدم العودة إلى المعصية يـُبقي الأمل في جنة الله. و يستمر الصراع بين الشيطان و الإنسان مادام الإنسان حيا في الدنيا و قد أوضح لنا الله من خلال قصة آدام و إبليس أن فتنة الشيطان تخرجنا من جنة التكليف(الدنيا) التي تقودنا إلي جنة الخلود في الآخرة . لذا نجد أنه في الوقت الذي يستطيع الشيطان أن يرانا و لا نراه وهو الأمر الذي يعطيه قدرة على إغواءنا حيث لا نعرف من أي جهة سيأتي منها نجد أن الله عادلا حيث ترك لنا منهجه الذي إن تمسكنا به لا يستطيع الشيطان الوصول إلينا. و هنا نجد أن الشيطان يعترف انه لا يستطيع أن يقترب ممن يتمسك بمنهج الله. { قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ*إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } لحجر/39- 40 لذا لقد كفل الله تبارك و تعالى الحماية لكل عبد اخلص في إيمانه به و اخلص في عبادته. ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾ الآية 201 سورة الأعراف. معنى هذا أن الشيطان إذا مس عباد الله المؤمنين فإن الله لا يتركهم و إنما يذكرهم بمنهجه و حينئذ يبصرون الحق فيعودون إلى إتباع المنهج.
إيمان عزمي
و أنتظر
أمسك بالأوراق و الأقلام لأكتب لك ما يطرب قلبك لكن الكلمات تتوارى خجلا منك. تتسابق أقلامي كي اختار احدهم ليكتب لك لكني أفشل، فلم أجد بينهم ما يناسبك. حتى أوراقي تقسم أن لا شيء يوفيك حقك. اتجرع كآبة نهاري الموحش بدونك. و تغدو أشلائي غصن بان حين يسامرني طيفك. أتدثر في شتائي اللانهائي بمعطف عشقك لي و أ ُمني نفسي بأمل موؤد. و تموت سنة من عمرنا و تموت معها معجزة لم تولد بعد. تنهار ملامح سعادتنا تحت أقدام غافلة لتتحول أغاني قلوبنا إلي صرخات منسوفة كأحلامنا. فأتساءل، هل ولدنا في زمن يهوى القشور و ما أكثرها؟! أم أننا نشتهي ما ليس لنا؟! هل نبغي فقد عقولنا و نسعى إلي الجنون بخطوات واسعة واثقة؟! أم أننا نطارد الأوهام هاربين من واقعنا؟! تختلط الدموع بالكلمات في عقلي و تخرج أنـَّاتي مكتومة فيتمزق ما بقى مني من أجلك و أجلي. ابحث عن قناع اختبأ خلفه لأجدني لا أحتاجه، فالأحزان تتشابك لدي لكن لا أحد يلمحها غيرك. تلازم وحدتي كوابيسي التي ولدت من رحم فراقنا. فانتظر إحياءنا يوما أو فناءنا، وانتظر ...
التسميات: 2 التعليقات | edit post
إيمان عزمي
الفصل الثالث
آدم و الشيطان
قبل أن يعيش ادم في الأرض أراد الله أن يقوم آدم و حواء بتجربة عملية على كيفية مواجهتهما و ذريتهما وسوسة الشيطان و ذلك حتى يكونوا محصنين منها و يعرفوا أن الشيطان كاذب فيما يعد و أنه لا يأتي منه إلا الشر و زوال النعمة. لقد كانت تجربة ادم و خروجه من الجنة بسيطة في أدائها عظيمة في مدلولها. و يرد الفصل هنا على من يقول أن آدم خرج من جنة الخلد لأنه عصى ربه بقوله: إذا كان آدم قد خرج من الجنة لأنه عصى فما ذنبنا نحن حتى نرث معصيته و نرث الشقاء .. إن هذا يتنافى مع عدل الله تبارك و تعالى في قوله: {و لا تزر وازرة وزر أخرى} إن كل إنسان يحاسب عما فعله فقط و لا يحاسب عما فعله أبواه .. أو جده أو أولاده لأن الإنسان لا يحمل إلا حسناته أو معاصيه.. و من هنا لا يمكن أن يكون آدم عاش في جنة الخلد ثم طرد منها لأنه قد عصى و تحملنا نحن نتيجة المعصية و ورثناها و عذبنا بها بأن نطرد من الجنة. إن المحصلة هنا أن آدم و حواء خلقوا في الجنة ليتلقى المنهج الذي سيعيشون به على الأرض و يتعلمان أن ما يقول الله عنه افعل فهو الصلاح و أن ما ينهى الله عنه إن فعلاه فسدت الأرض. أي أن الغاية من خلق آدم أن يعيش في الأرض و يعمرها. و هنا يجب أن نتوقف عند جزئية هامه في الفصل و هي هل حواء هي التي أخرجت ادم من الجنة أم لا؟ و انه لولا إغواءها لبقى ادم في الجنة. يقول الكتاب: هذا و قد برأ الله حواء من هذه الفرية في قوله تعالى: ((فوسوس لهما الشيطان)) فالآية الكريمة دليل على أن الشيطان هو الذي زين المعصية لآدم كما زينها لحواء. أي أن الشيطان هو الذي قام بإغواء آدم و حواء و لم تقم حواء بإغواء آدم على المعصية و الغواية جاءت من الشيطان للاثنين. و لان للشيطان طرقه في الغواية فقد زين لهما عملها و أقسم لهما أنه يريد لهما النصح. { و قاسمهما إني لكما لمن الناصحين} و قد صدقا القسم و صدقا أن الشيطان يريد لهما الخير على الرغم من أنه جل جلاله قد بين لهما أن إبليس عدو لهما. و هكذا نجد أن الشيطان يستخدم كل الحيل لإغراء آدام و ذريته على المعصية. و هكذا ستستمر المعركة بين الإنسان و الشيطان إلى أن تقوم الساعة.
............................
ربنا أعنا على ذكرك و حسن عبادتك
و أخلف لعبادك الصالحين عباد صالحين يكملون طريق آباءهم. و يعينوا عبادك على طاعتك.
و أصلح أحوال بنو آدم
اللهم آستجب لدعواتنا
إيمان عزمي

الحلقة الرابعة

كان عليها أن تخلد للنوم فى ذلك الوقت لكن عقلها آبى عليها ذلك .. فتجولت فى الشقة كى تتفحص محتوياتها و هى مازالت متعبة فى محاولة منها للابتعاد بتفكيرها عن تلك الخدعة التى قام بها زوجها عليها لكنها لم تستطع. ((_ أيمكن أن أسامحك لو كان مبررك لفعل ذلك الامر قوى؟ و لكن أى مبرر ذلك الذى يمكن أن يكون بالقوة حتى أستطيع مسامحتك؟ّ و ماذا إذا لم يكن لك مبرر لما فعلته؟! ماذا سأفعل معك لو كانت تلك هي حقيقتك مجرد شخص نصاب؟!)) أعيتها كثرة الاسئلة و الحركة فعادت إلى سريرها و مكثت فيه حتى نامت من التعب. و حين استيقظت كان زوجها يجلس على مقعد مواجه لسريرها و قد غرق فى نومه تماما. كان السواد حول عينيه ظاهرا كأنه لم ينم منذ سنوات و عضلات وجهه تتقلص و تنفرج بصورة عصبية و بدا فى نومه كالجريح فى المعركة .. يتعذب و يتألم و يتأوه دون أن يستطع الاتيان بأى حركة حتى أنها وجدت صعوبة فى إيقاظة. .~.~.~. فتح ماجد عينيه، فوجدها جالسة على طرف السرير فى مواجهته، فمسح بيديه على وجهه لينفض عنه النعاس بينما ظلت هى على جلستها، و حاول أن يتكلم لكنه لم يجد ما يقوله على الرغم من وجود الكثير، فبدأت هى حديثهما قائلة: _ هل تناولت غداءك؟ _ ليس لي رغبه. ثم وقف و فى نيته أن يغادر الغرفة إلى الحمام ليأخذ حماما دافئا علٌا اضطرابه يهدأ قليلا لكنها منعته حين وضعت يدها على كتفه قائلة: _ فلتؤجل كل شئ حتى نتحدث. أنتفض جسده من لمسة يدها الحانية التى أشتاق إليها كثيراً، فالتفت إليها و قد عاوده الامل أن تسامحه، و حاول أن يستشف ذلك الامر من نظرة عينيها لكنهما لم تفصحا بشيء، فقال بيأس: _ حسنا . ثم أمسك عن الكلام لبعض الوقت قبل أن يقول بعد أن جلسا فى غرفة المعيشة فى مواجهة بعضهما: _ أنا لن أبرر ما حدث و لكن عليك أن تعرفى كيف حدث؟ _ حسنا. أسند ماجد ظهره إلى المقعد ثم أطلق زفرة حارة قبل أن يقول: _ كانت المرة الاولى التى رأيتك فيها و أردتك زوجة لي فى حفل زفاف أختك دلال و ليس في شقتها كما تعتقدين، فأنا زميل زوج أختك الذي رفضتيه لمدة عام. فغر فاه سهير لكنه لم يترك لها فرصة للتعليق بل أكمل كلامه قائلا: _ حين تقدمت إليك ِ و رفضتِ مقابلتي لرفضك فكرة الزواج من موظف صغير مثل أختك. طلبت من والدك محاولة إقناعك بالامر. و فى المرة الاخيرة التى طلبت فيها يدك و رفضتي يومها كعادتك الخروج من غرفتك لمقابلتي أخبرت والدك ِ بأمر استلامي عملي الجديد كمدير لتلك المزرعة، فتمنى لي التوفيق و هو يودعنى عند باب الشقة. توقف ماجد عن الكلام ليلتقط أنفاسه و مسح العرق التى ملأ جبينه ثم قال: _ و فى يوم زيارتي الاولى للقاهره بعد العودة من المزرعة فجئت برغبة والدك في مقابلتي خارج منزلكم و لم أتردد و هناك فى ذلك المطعم الذي يأخذ ناصيتين فى أحد شوارع وسط البلد دار هذا الحديث بيننا. .~.~.~. ((_ إنني مقتنع بك كزوج مثالى لها يا ولدي و لكنها كما تعلم لن تتنازل عن شرطها أبدا. قلت بأسف: _ إذا لا أمل؟ _ هناك امل واحد فقط. _ دلنى عليه. _ لابد أن تصبح غنى. بدت خيبة الامل على وجهي و أنا أقول: _ اتسخر منى. _ مطلقا. _ إذا، كيف سأصبح غني بين ليلة و ضحاها ؟ صحيح أننى أمتلك شقة واسعه و لى عملى بالمزرعة و هو يدر دخل كبير الان و لكن كل ذلك لن يجعلني غني. ألتمعت عين الاب و هو يقول: _ المزرعة. _ ماذا تقصد؟! _ كي تصبح غني لابد أن تمتلك مزرعه. _ و من أين لي بثمنها؟! _ ستمتلك مزرعة دون أن تدفع مليما فيها. _ كيف؟!)) كان هو من أقترح علي ادعاء ملكيتي لتلك المزرعة و هو الذى رتب كل شئ. لقد رفضت في البداية بإصرار خشية أن تتألمي حين تعلمين الحقيقة .. لكن والدك لم يأتيني بحل أخر فوافقت على مضض. و مرت الزيارة الاولى للمزرعة بسلام على الرغم من أعتقادي أنك ِ ستكتشفين الحقيقة خلالها و أغراني عدم تحقق نبوءتي لأستكمل الامر خاصة مع تشجيع والداك لي و مساعدتي فى الامر فقد كان يعلم أنك ِ لن تقبلي أن تحملي لقب مطلقة حين تعلمي الحقيقة و بالتالى ستستمرين معي مرغمة فى البداية ثم ستتقبلي الامور بعد أن تهدأ العاصفة، لذا أصر والدك على زواجنا خلال ثلاثة اشهر فقط. .~.~.~.
يتبع
التسميات: 5 التعليقات | edit post
إيمان عزمي

الحلقة الثالثة

كانت سهير ترتدى ملابسها بمساعدة قمر في صباح اليوم التالى للذهاب إلى المستشفي و حين غادرت المنزل وجدت زوجها ينتظرها أمام السيارة التى أقلتها إلى المزرعة فى اليوم الاول لها فى القرية، فعاودها الحزن مرة أخرى لتذكرها لكل الاحداث التى مرت بها خلال يومين فقط، فربتت قمر على كتفها حين رأت الحزن فى عينيها و جلست المرأتان فى الكنبة الخلفية فى حين جلس ماجد بالمقعد المجاور للسائق الذي بدا متحفظا فى جلسته بينما وقف شامل خلف نافذة شقته يتطلع إليها حتى انطلقت بهم السيارة. لم تستغرق العملية وقت طويل و ما أن استردت سهير كامل وعيها حتى صممت على العودة إلى المزرعة، فخرجوا من المستشفى إلى أحد المطاعم لتناول الغداء دون أن يخرج أي منهم عن صمته، و حاول ماجد أن يجعلها تكلم اسرتها لكنها كانت ماتزال تشعر بالمرارة مما حدث و رفضت أن تشعرهم بفشلها فى الزيجة الوحيدة التى وافقت عليها. و فى طريق العودة إلى القرية كان الصمت هو سيد الحوار بينهما، و لكن .. لا أحد منهم كان يعبأ بذلك، فماجد كان مشغول الفكر بتحديد الوقت المناسب لشرح كل شئ لها، و سهير تحاول أن تجد بصيص أمل لها حتى تقبل بالاستمرار في تلك الزيجة كى لا تضطر الى حمل لقب مطلقة بعد أربعة اشهر فقط من زواجها . أما قمر فقد كانت تتطلع إلى الحقول الخضراء و هي تسأل نفسها عن سر ما يحدث لسهير بعد أن باتت على قناعة تامة من أنها ليست مريضة نفسية كما اعتقدت من كلام السائق من قبل و لكنها دفنت فضولها حتى لا تزيد من ذلك الجرح الذي كانت تشعر به قابعا في قلب جارتها اتجاه زوجها.. و سرعان ما تذكرت السيدة فتحية جارتها الأخرى زوجة محاسب المزرعة و فضولها الشديد اتجاه معرفة أخبار الغير فحمدت ربها على كونها تكون مسافرة مع زوجها في ذلك الوقت من العام لزيارة اقاربهما في الإسكندرية فوجودها كان من شأنه أن يزيد الأمور بين الزوجين اضطرابا . . بل .. ربما وصل الأمر إلى حد طلاق الزوجين التي تشعر نحوهما بالود الشديد كما لم تشعر من قبل. و لم يخلو تفكيرها من أخيها شامل الذى كانت حالته تقلقها بشدة و هى تراه منطويا و منقطع عن الكلام لاول مرة فى حياته دون أن تعرف سببا لحالته . .~.~.~. مرت ثلاث ليالى هادئة بصورة ظاهرية على ذلك المنزل الذى كانت الاحداث فيه مازالت عالقة، فقد أخذت الحالة النفسية لشامل تزداد سوءً مع كل يوم يمر و هو يرى الهدوء يغلف العلاقة بين الزوجين ، فى الوقت الذى يزداد هو أنجذابا لها على الرغم من عدم وجود أى حوار بينهما تقريبا، فما كان منه إلا أن أتخذ قراره بضرورة الرحيل دون الانتظار لاستردادها لصحتها. و في اليوم الرابع فوجئ الزوجين بزيارة السيدة سوزان و زوجها الطبيب العالمى المعتزل حسين سلامة الصاحب الحقيقى للمزرعة لها: _ كيف حالك عزيزتي؟ ردت سهير علي السيدة سوزان بابتسامة وهنه قائلة: _ بألف خير. لم يكن هناك داعي للزيارة. جلس الطبيب على مقعد قريب منها و هو يقول: _ لقد تأخرت الزيارة كثيرا، فقد مررت بوعكة صحية الايام السابقة. _ حمدا لله على سلامتك. لم يكن هناك داعي لترهق نفسك. فسيادتك الاولى بالزيارة. أنطلقت ضحكة قصيرة من فم الطبيب و هو يقول: _ أولا: لا داعى لسيادتك تلك فأنا أكره الرسميات، ثانيا: لا تقلقي بنيتي مازالت أكثر صحة من شباب هذا الجيل. المهم صحتك ِ انت ِ. و دار حديث قصير بينهم قبل أن يقف الطبيب قائلا: _ نريدك أن تستردي صحتك لنتشرف بزيارتك لنا قريبا. نظرت سهير شذرا لزوجها، فها هي الان مدعوة لزيارة المنزل الذي أوهمها أنه سيكون منزلها غير أن قول الطبيب في تلك اللحظة: _ سندعك لتستريحي. حال دون تفجر الموقف بين الزوجين. لكن ما أن غادرا الشقة حتى قال ماجد: _ سأعلن للقرية كلها ما فعلته بك ِ. صرخت سهير فيه قائلة: _ إياك أن تفعل. فبدت الحيرة على ملامحه من ردة فعلها ثم قال بريبة: _ هل اتخذت ِ قرارك النهائي؟ _ دعنا من الحديث في ذلك الامر الان، فأنا أريد أن أرتاح. فغادر الغرفة فى الوقت الذي عادت فيه قمر إليها. .~.~.~. وضعت قمر صينية الطعام أمام جارتها و أخذت تثرثر في موضوعات عامة إلى أن قالت سهير: _ لماذا تخليت ِ عن حياة المدنية المتجدده لتعيشي هنا وسط ذلك الهدوء المميت؟ بدت قمر مترددة لتجاوبها قبل أن تقول: _ ليس لى انسان فى القاهرة حتى ابقى هناك من أجله. فشعرت سهير بحاستها أن جملة قمر بها الكثير من الحزن لكنها لم تحاول سؤالها عن السبب بل تركتها تتكلم كما تريد. تحدثت قمر عن والديها باستفاضة ثم قالت و هي تكفف دموعها بالمنديل: _ لقد عوضنى الله كثيرا عن فقد والدي بشامل. و أنطلقت تتحدث عن أخيها، طباعه ، صفاته، و عن شهامته. و استشعرت سهير أنها فى جملتها الاخيرة تقارنه بشخصية رجل أخر: _ لا يوجد رجل يستطيع أن ينافس مكانة شامل فى قلبي. ثم انهت كلامها قائلة قبل أن تنفجر فى البكاء: _ و من يوم أن جئت هنا لم استطع أن أعود للقاهرة وحدي، فقد كانت كل زياراتي لها و شامل معي .. فهو بالنسبة لي الأب الذي حرمت منه. و رغم أن سهير أصبحت على يقين من أن دموعها تسكب على رجل ثالث فى حياتها، إلا أنها أهتزت لذلك الحب الاخوى الذى تكنه قمر لشامل و الذى لم تكن تشعر به من قبل أتجاه أختها الوحيدة فقد كانت علاقتهما يغلفها الفتور الشديد على الرغم من محاولات أختها العديدة لتغيير ذلك الحال دون جدوى؛ فقد رفضت سهير أن تتعلق بأى انسان غير نفسها طوال سنوات عمرها الثمانية و العشرون. كما تعجبت من ذلك الحب الابوى الذي لم تكن تحمل أية ذرة منه اتجاه والدها مما أشعرها بجحودها و تحجر قلبها، فانزعجت من نفسها كثيراً: _ ألن يؤثر غيابك الكثير على عملك قمر؟ مسحت قمر دموعها و قالت و هي ترفع الصينية من على حجر سهير: _ لا تقلقي. نحن فى الصيف و غيابي أمر طبيعي. سأتركك لبعض الوقت لاعداد الطعام لشامل. _ حسنا و عذرا لازعاجكما. _ توقفي عن تكرار هذا الكلام. و أرادت سهير أن تدعو شامل لتناول الطعام مع زوجها كنوع من الشكر له على تعبه معها في الأيام السابقة، فقد كان يمر عليها كل يوم ليتأكد من استقرار حالتها الصحية لكنها لم تفعل بل أكتفت بالدعاء له في سرها فى الوقت الذي أنصرفت فيه قمر و تركتها وحيدة في الشقة لأول مرة منذ وصولها القرية . .~.~.~.
يتبع
التسميات: 3 التعليقات | edit post