ينتظر كوب الشاي بشغف.. ينتظر ابتسامتها له بشغف.. ينتظرني بشغف... فالانتظار هو الشيء الوحيد الذي يفعله بشغف.. بل هو الشيء الوحيد الذي يسعى جاهدا إلي إتقانه. احترت كثيرا معه في أن يتعلم الفعل بدلا من رد الفعل لكنه يرفض. يرفض الفكرة كأني أحرضه على ممارسة الرذيلة أو أدعوه لتعلم الفساد.
شخصية عجيبة هو لكني لم استطع التخلي عنه.. فهو رغم كل شيء لا يزعجني بالمنزل.. بل لا اشعر بوجوده قط.. ربما يكون هذا مملا كثيرا لكن صمته يمتعني حين أحتاج للهدوء من صراخ الأطفال.
أنظر في عينيه لاستمتع بلمعتهما الزائفة.. اعلم أن خلفهما لغة أخرى وحده يتعامل معها.. لا يترك فرصة لي لأحتويها فهي عنده دوما ستنتهي لكنها لا تموت قط.
كعادته يعود كل ليلة متأخرا.. لا يتذمر حتى لو قصصت عليه ألاف القصص من المشاكل.. فقط يربت على رأسي بحنان قائلا:
_ تخلي عن تعجلك.. فالدنيا لا تعطي ملهوف.
ككل ليلة أندهش من جملته التي لا تخمد ثوراتي لكنها تستفزها فلا أفعل سوى الإشفاق عليه من الدنيا .. أنزوي في غرفتي.. انتظره ليدخل ورائي ليهدأني كعادته بشخيره المتعب من العمل طوال اليوم كي أغوص في عالمي الخاص مستمتعة باحلام لا وجود لها إلا في عقلي لكنه تلك المرة لا يأتي.. انتظر حضوره و أنا أنظر لعقارب الساعة.. تتوالى الدقات و لا يأتي.. اتذمر، فيومي سيموت دون احلام تعينني على احتماله و الغد الذي ينتظره، فأغادر سريري للشرفة لأجده جالسا مغمض العينين.. أشفق عليه لكني اتركه لاعود لسريري فالأهم أنه لن يطالبني بشيء بعد يومي المرهق.. كم أسعد بطيبته و طبيعته تلك. كم اتمنى سعادتي تدوم.. كم.. كم.
تتزايد الأمنيات في عقلي لكني لا استطيع أن اطرده منه، فأغادر السرير للمرة الثانية لأقنعه بالعودة معي حتى لو كان على حسابي.. لكنه يتركني لأنعم بالراحة الأبدية التي تمنيتها.
على الحافة منذ رأيتك .. أتامل دموعي التي ابتلعها من أجلك باستمرار، فلا يدهشني أنها تحترق بين يديك اليوم ككل تفاصيل حياتي.. ألملم رماد نفسي فلا أجد له مدفنا.. أفتقد شرايين كانت تنبض بالحياة لكني لا أبحث عنها.. تنحسر الذكريات في عينيك الجذابتين الكاذبتين، فلا أبغي مواساتي.. أتضرع في صلاتي أن تظل، فلا تقترب من حافتي كي لا أهرب في عكس الاتجاه. . و لا تبتعد أكثر فأفقد الاتزان عليها.
تنتشلني من تأملاتي بصوتها الحالم.. أغوص في عينيها فيُسكرُني بريقهما الحزين.. لم تكن من النوع الذي يفرغ همومه على أكتافي قط.. تشعرني أني نصف رجل و أنها نصف أنثى.. انتظرها تخبرني عما تريد أن تتحدث فيه.. يجرفُها الامل أن تسمعني لكني أمام صمتها لا أملك سوى الصمت.. اتوسل لنفسي ألا تخنق همومي بداخلي فاتجرعها وحدي بلا جدوى.. أشاطرُني ألامي و أُشاطرُها الكبرياء.. أمد يدي.. فتبتعد منتفضة لاقصى المكان صارخة بلا و كأنها رأت عفريتا.. انزوي أكثر في مقعدي مكتفيا بذاتي بينما ترحل هي في سفينة حزنها.
تفرقنا الطرقات و تجمعنا أشلاء.
تداعبنا مداعبة أسد لفئرين.
نختبيء داخل جدار الحياة
لكننا نستمتع بأنات أصواتنا المذبوحة على اعتاب المستقبل.
تتقطع أواصلنا المشتركة فلا نحزن،
فقط نقهقه
و الموت يستبيح مشاعرنا،
فعذرا لا تقفوا على قبورنا
فإنها نسجت من رحم اليأس.
تعودت منذ أن بدأت عملي .. أن أرى بائعة الجرجير تأتى في نفس موعد وصولي عند مدخل الشارع المطل على الميدان كل يوم .. ذلك الموعد الذي نادرا ما أتأخر عنه ، و قد أثارت دهشتي انضباطها الشديد في موعد مرورها .. على الرغم من مظهرها الذي لا يمت للمدنية بأي صلة ، حتى أنى قد تعودت أن اضبط ساعة يدي على موعدها و هي تدخل الشارع و تحمل فوق رأسها سبت الجرجير و تنادى عليه بصوت واهن أقرب إلى صوت الموت منه إلى المناداة ..
ظل مرورها هكذا منضبطا قرابة الإحدى عشر شهرا .. و على الرغم من شفقى على حالها .. لم أحاول يوما سؤالها عن أحوالها أو مساعدتها بشراء الجرجير منها . و مع بداية اليوم الأول للشهر الثاني عشر قررت أن أتحدث إليها ، فخرجت من منزلي مبكرا_ و أنا مصممة على انتظارها كي أكلمها _ على الرغم من تأكدي من حضورها في نفس موعدها .
مر الوقت متثاقلا و أنا منتظرة .. انظر تارة إلى ساعتي .. ثم أعاود النظر إلى ساعة الميدان .. حتى دقت ساعة الميدان معلنة تمام الثامنة .. فطرق القلق بمطرقة حديدية على أعماق قلبي .. كيف تتأخر تلك البائعة المنضبطة ؟! و بعد أن كنت اجلس في سيارتي منتظرة حضورها .. إذا بي أغادرها في قلق جم و أتلفت باحثة عنها يمينا و يسارا .. كأني ابحث عن ابنتي التائهة .. فلفت انزعاجي المارة الذين التفوا حولي عارضين المساعدة على، فشكرتهم بهدوء و رحلوا سريعا كل ٍ إلى عمله .
ظللت اليوم كله منتظرة حضورها في أي لحظة .. حتى مر بي عدد كبير من زملائي في حضورهم و في مغادرتهم للشركة و هم يتساءلون عن سر وقوفي في ذلك المكان و التلفت حولي كمن يبحث عن شئ هام فقده . . دون أن استطيع أجابتهم .
عدت إلى منزلى في وقت متأخر في محاولة فاشلة لرؤيتها .. و قررت أن ابحث عنها بصورة أكثر فاعلية في اليوم التالي ، فكان أول ما فعلته في الصباح أن ذهبت إلى شرطي المرور المسئول عن الميدان و سألته إن كان يعلم شئ عنها ، فلم يروى عطشى الشديد ، فظللت طوال الأسبوع لا افعل شئ سوى البحث عنها حتى مرت بائعة جديدة للجرجير في الشارع ، و هي فتاة صغيرة تنادى بصوت رفيع عليه ، فسألتها في يأس إن كانت تعرفها ، فردت الفتاة _ وهى تقرب منى سبت الجرجير لعلى اطلع عليه فاشترى منها _ بأن البائعة قد رحلت كما سنرحل جميعا .هنا فقط شعرت بتغير كل شئ داخلي ، كأن أعضائي غيرت أماكنها دون أن آذن لها ..
هنا فقط تبينت أنني كنت واهمة حين اعتقدت أن حياتي استقرت في تلك الوظيفة .. في ذلك الشارع .. في تلك الحياة، فكان لابد من ترك تلك الوظيفة التي جعلتني تعودت .
للاسف أثبتت الشرطة المصرية فى الاونة الاخيره أن المصريين هم بني أدمين مع إيقاف التنفيذ. فكل يوم تطل علينا الصحف بخبر جديد عن الحب الشنيع البشيع للشرطة المصرية لابناء بلدها و يكفي أن نذكر واقعتين متلاحقتين أولهما هي تعرض محامين للاهانة على يد وكيل نيابة فى طنطا ثم محاكمتهما و صدور الحكم ضدهما من أول جلسة بالسجن خمس سنوات مع الشغل و النفاذ و غرامة 3000 جنية لكل منهما دون محاكمة عادلة و الثانية هي تعرض الشاب المصري خالد محمد سعيد 28 سنة للموت على يد مخبرين بالاسكندرية.
هل تحول البني أدم المصري إلي مصدر لتنفيس أصحاب النفوس المعقدة و المشهوهة عن عقدهم الشخصية و النفسية فيه؟! هل توقفت بني أدمية المواطن المصري للأبد؟! هل أصبحنا مصريين اسما أما فعلا يحتلنا شيطان مارد جبار يدفعنا نحو الاسوء؟!
لا أجد ما أعبر به من كلمات عما يجيش فى صدري من حزن اتجاه ما يحدث للمواطن المصري ليس خارج البلد بل الاسوء داخل بلده على أرض المحروسة التى أصبحت منحوسة.
الامر لم يعد مقتصر على العاصمة بل أصبح الطغيان فى كل مكان و كل محافظة بك ِ يا بلدي الموجوعة.
حقا علينا أن نغير صفتنا من الانسانية إلي الوحشة و علينا أن نتخلى عن لقب بني أدم لاي لقب أخر فما يحدث هو مهزلة بكل المقاييس.
الضغط هذا القاتل الصامت كما اطلق عليه الاطباء يمكنني أن أضيف عليه الان أنه حية متلونه.كثرون يعانون من الضغط العالى و قد مروا بتجربة ارتفاعه مع أي انفعال و هناك من أصابهم الضغط المنخفض لكن الاسوء أن تصاب بانخفاضه الفجائي وأنت من ذوات الضغط العالى لتصبح حائرا لا تعرف هل أنت من ذو الضغط العالى أم المنخفضحيرة قد تودي بحياتك فى لحظة ما إذا تناولت الدواء او الطعام الخطأحمانا الله و أياكم منك إيها الضغط الحية
كثيرا ما تسائل المرء متى تنتهى الازمة العالمية التى تسبت كما تدعى حكومتنا فى كل هذا الغلاء؟! لكن كثيرا ما نجد الاجابة الله اعلم ..
فهل ستكون مواجهات الحكومة دائما لكل المشاكل أن الله اعلم؟!
لقد خلق الله لنا العقل لنستخدمه لا لنتعاممل معه كزينة .. خلقنا التفكير لنستخدمه فى مواجهة المشاكل فهل لا يوجد فى حكومة دولة من يستطيع الاستفادة مما خلقه الله له ليحل لنا مشكلتنا التى يعلم الجميع انها لا ترتبط بازمة عالمية فالاسعار فى كل العالم انهارات إلا مصر زادتا كاننا نعوض العالم كله عن ذلك الانخفاض.
منذ عدة أيام بدا بركان ايسلندا فى القفز بالادخنة خارجة مما عطل حركة الملاحة فى اهم الدول المتقدمة فهل ما حدث هناك سيكون شماعة جديدة لاسبب اطلاق بعض المسؤليين بتصريحات غير مسؤله عن زيادة اسعار اللحوم؟! الامر الذي تسبب فى غلوها رغم توافر المنتج في السوق.
ربما علينا أن نتوقف عن تناول اللحوم علنا نمارس بعض الضغوط على الفئات المستفزة التى تغالى فى اسعاره دون سبب.
ظلت تتأمل ذلك الوجه المشع بنوره الرباني التي لا تتوقف شفتا صاحبته عن التمتمة بالدعوات طوال الوقت. و للحظات تمنت أن تملك نصف ما تملكه تلك المرأة من نفس ٍ طاهرةٍ لكنها كلما نظرت إلي صفحات حياتها المكتوبة تمنت أن لم تكن ولدت قط.
غادرت الغرفة لتنكفئ على نفسها في صومعتها.. تتجول في أيامها الماضية، و تتصفح أوهاما رسمتها و مازالت بيد محترفة.. لم يكن ذاك الطريق الذي شقته لنفسها بجنون يرهبها لكنها الآن باتت تختنق كلما تذكرت ما ردمته من أشياء من أجله.انفتحت تلك الصفحة في ذاكرتها علي دمعة هربت من عينه و هي تخبره أن يرحل عن عالمها و تمنت لو عادت لتمسحها بيدين كانت تحملان البراءة منذ زمن بعيد لكنها (لو) اللعينة دائما تسبق الجمل الميتة.
تناثرت الذكريات بعقلها و بدت أشبه بقصاصات ممزقة لكنها رغم ذلك لملمت شتات نفسها و جلست تدون في قلبها مشاعر لم تغادرها قط رغم التشوهات التي تزداد بداخلها.. نظرت عبر المرآة و انجلت الحقيقة فها هي تدفع ثمن اختياراتها..و ها هو على بعد خطوات من شرفتها يتمتع بطائره الوديع بين يديه و الذي خير منها تلك التي تساوي ألف طائر على الشجرة.
تجلس شامخة.. تضع عينيها في عينيه، كأنها تتحداه رغم طريق الحزن المحفور بهما.. تبدو كأنها تخبره ألا يحاول إحياء أمل مات على يديه أما هو فتتوسل القطرات في عينيه لها أن تصرخ بلا. تقرأ صرخته .. تحاول بيأس أن تفتش في ذكرياتهما عما يساعدها لتساعده .. تتجول بعينيها في أركان شقتها، فلا يزور عقلها سوى ذكريات الدموع.
تتصفح ذكرياتها مع تجول عينيها في أركان المكان. هنا في هذا المقعد الجالس عليه الآن تعلمت البكاء لتأخره المستمر دون أن يجيب على هاتفها حتى احترفته. و على تلك الكنبة نامت مع دمعتها ليال طويلة دون أن يلاحظها فعلمت أنه لا طائل من الدموع سوى الكآبة فهجرتها. و في تلك الغرفة لطالما كانت تخبره قبل زواجهما أنها غرفة الأحلام لكنها لا تتذكر منها سوى محدثاتهما الفاشلة كي لا تأتى تلك اللحظة.
تخرج من شرودها على صوت الرجل الغريب يسألها للمرة الأخيرة فتقول و هي تنظر له و قد ملأت عينيها الدموع:
الإجابة المؤكد لا.. فلا أحد يحتكر العبقرية لنفسه .. بل لا أحد في العالم لا يمتلك العبقرية بأي صورة كانت .. تقول بعض الدراسات أن جميعنا كبشر نمتلك مواهب و كل منا يبرع في موهبة ما و تكون تلك الموهبة هي سر عبقريته .. و حتى ذوي الاحتياجات الخاصة تجدهم يمتلكون مواهب بل بعضهم يملك مواهب متعددة.
و في جلسة بسيطة مع نفسك ستجد أن هناك العديد من الأشياء التي يمكن أن يتفرد فيها كل شخص فينا و يحقق فيها نجاح مبهر كل حسب إمكانياته فمثلا على سبيل المثال لا الحصر: هناك من يبرع في البيع و الشراء و هناك من يبرع في الرسم و هناك من يبرع في الرياضة و هناك من يبرع في الغناء و هناك من يبرع في الطبخ ( و هو ليس حكر على المرأة) و هناك من يبرع في الأعمال المنزلية .. إلخ.
إذا داخل كل منا شخص عبقري، كيف نكتشفه؟
من المعروف أن الأسرة عليها الدور الأكبر في الاكتشاف المبكر لهذا الكائن العبقري بداخلنا ، لذا عليها أن تقدم الدعم للطفل من الصغر لاكتشاف مواهبه.. و على الأم و الأب أن يهتموا بملاحظة طفلهم في السن الصغير ليكتشفوا اهتماماته و في حالة عدم ظهور أي اهتمامات سواء رياضية أو فنية.. عليهم أن يعلموا أن طفلهم في حاجة إلي دراسة أعمق لإمكانياته حتى يتوصلوا لموهبته فإذا لم يجدوها فعليهم ألا يعتبروا أن ذلك نوع من الفشل و أو أن طفلهم غبي أو غير طموح أو غير موهوب ، بل عليهم أن يتيقنوا أن طفلهم يمتلك إمكانيات مختلفة عن أقرانه و أن موهبته ربما تظهر في سنوات دراسية لاحقه أو حتى بعد التخرج و أثناء حياته العملية.. فقط عليهم ألا ييأسوا.. و يظلوا على اقتناع أن بداخل ابنهم عبقرية نائمة.
و هنا يجب أن نعرف أن لكل مرحلة متطلباتها ففي الصغر يكون الدور الأكبر على الأسرة فعلى الأسرة أن توفر أدوات الرسم لطفلها إذا رأت حبه للألوان و الصور أو الأجهزة الموسيقية كل حسب إمكانياته المادية إذا أحست بأذنه الموسيقية أو توفر له ملابس و أدوات الرياضة بل و عليها أن تساعد طفلها على الاشتراك في الأنشطة داخل المراكز الرياضية و النوادي و هذا كله قبل الالتحاق بالدراسه.
نأتي لمرحلة أخرى هي مرحلة المدرسة و هنا يتوزع الدور بين الأسرة و المدرسة و على الأم أن تكون واعية لاهتمامات الطفل داخل المدرسة و تتابع مع المدرسين قدرات طفلها ليس الدراسية فقط و لكن عليها أن تعطي لابنها فرصة الاختيار لنشاط محدد كي يشترك فيه و لا تعتبر هذا النشاط عامل هدم للطفل و سيعطله عن دراسته فكثيرا ما كانت الموهبة حافز يحبب الطفل في المدرسة بل عليها كأم و عليه كأب أن يستغل النشاط الترفيهي لابنه في الدراسة.
أما مرحلة الجامعة فيبدأ المراهق في اتخاذ قراراته و هنا يصبح جزء كبير من البحث عن الموهبة عائدا له فهو وحده القادر على استيعاب قدراته و إمكانياته و تحديد مسار حياته.
إذا علينا أن نعرف أن كل مرحلة في حياتنا تتطلب منا أن نبحث عن مواهبنا التي تحقق كامل السعادة لنا فنعتمد على الأسرة بصورة كبيرة في الصغر و مرة أخرى سيكون الاعتماد الأكبر على أنفسنا و ذلك في مراحل عمريه متقدمة.. و لا يعني تنقل الشخص من نشاط لآخر في مراحل حياته المختلفة أنه لا يملك أي موهبة بل هذا يعني أنه في الطريق السليم لإيقاظ الكائن العبقري النائم بداخله.
كيف تبحث عن عبقريتك؟
ربما هذا السؤال يراود الكبار أكثر من الأطفال.. فهو سيراودهم مرتين: مره لابناءهم و مره لأنفسهم.. طيب لو قلنا للأبناء: هتقول البداية بتكون بتوفير كل الإمكانيات زى ما ذكرت سابقا.. كراريس و أقلام و ألوان و لبس رياضه و اشتراك نادى أو مراكز شباب و أشركهم في الأنشطة المدرسية..
طيب إزاى و أحنا كبار بقى نكتشف مواهبنا؟ أول حاجه لأننا كبار فلازم نتعامل مع الموضوع بطريقة مختلفة و الطريقة المختلفة مش مكلفة غير ورقة و قلم.. ايوه ورقه و قلم كل واحد فينا يجبهم و يبتدي يكتب الأشياء اللي بيحبها و بتخليه يحس بالسعادة و الأشياء اللي بيتمنى يمتلكها و الأشياء اللى بيتمنى أنه يحققها و من خلال قراءتنا للورقة دي هنبتدي نشوف طريقة تفكرنا ازاى و اهتماماتنا في اى اتجاه. بعضنا هيلاقى انه بيهتم بالرياضة فيحب يسمع كل أخبارها و يقرأها و.. و .. إلخ يبقى هنا تكمن عبقريته و يمكن استغلالها بطرق ووسائل مختلفة في أن الشخص يشتغل مثلا محلل رياضي أو كاتب مقالات رياضيه أو يعمل باي برنامج رياضي أو صحيفة رياضيه. و هكذا كل موهبة عندنا ممكن نستغلها في عمل ما فتتحول مواهبنا لوظائفنا التي نعشقها و قد نتمتع باستغلال مواهبنا بجانب أعمالنا.
نقطه مهمة قد يفهمها الآخرين بصورة غير صحيحة حيث يعتقد البعض أن وجود الموهبة وحده كفايه.. لكن الواقع بيقول إن موهبة من غير تنميه و تخطيط و تنظيم يبقى موهبة لا قيمة لها. بل يرى البعض أن الموهبة مثل الطفل الصغير تحتاج دائما إلي رعاية و عناية خاصة و مستمرة.
إذا لا يكفي أن نمتلك الموهبة بل علينا أن نسعى لتنميتها باستمرار بكل الوسائل الممكنة. و هنا يأتي دور الفرد في حالة اكتشافه لموهبة ما لديه و كل موهبة لها طريقه مختلفة في التنمية و من هنا هيكون موضوع حلقتنا القادمة.. و هو كيف تصبح كاتب؟
....................................
أول حاجة لازم أي حد يعرفها إن مفيش حد بيتولد بيكتب بعبقرية علطول بدون ما يكون في مسببات توصله للعبقرية دي.. و الكلام ده لا يتناقض مع وجود أطفال عباقرة، فالطفل العبقري لا تظهر عبقريته دون وجود خلفيه للعبقرية دي و الخلفيات ممكن تكون سبب واحد أو أكثر من سبب يعني نلاقى إن في أكثر من كاتب في عائلته قد لا يكون حد منهم مارس الكتابة باحترافيه أو حتى حاول ينشرها بأي وسيله لكنه في الأخر بيكتب.. قد يكون حد من أسرته أو عائلته يهوى كتابة الخواطر أو المذكرات أو الشعر سواء في صغره أو كبره و احتفاظه بكتاباته طي الكتمان.و ممكن يكون حد في محيطه الأسري يهوى أي نوع من أنواع الفنون فالفنون ترتبط مع بعضها بعلاقة قوية و قد لا يكون كل ذلك فممكن يكون هناك هواية القراءة و الإطلاع. حتى إن بعض الدراسات أثبتت إن الجنين يشعر بالأغاني و القراءة و هو في رحم أمه و بعض الدراسات أوصت بتشغيل القرءان الكريم بجوار نساء حوامل لما له من أثر كويس على الجنين. و لو وقفنا قدام مسببات العبقرية لن نتوقف عن الشرح أبدا لكن اللي يهمنا من النقطة دي إن أي حد يكتب لازم تكون له خلفيه قبل بدأه بالكتابة العبقرية.
نيجي بقى لنقطه مهمة ثانيههل كل الناس تبدأ بالكتابة العبقرية حتى لو ليها الخلفيات دي؟ أكيد لا.. لأن في فروق فرديه كثيرة بين البشر، فبعض الناس يكتبوا في سن صغير قد يصل لابتدائي و بعضهم يبدأ كتابة بعد الستين.و لما نيجي نلاحظ الفرق بين الكاتب الذي يبدأ كتابه في السن الصغير و السن الكبير نكتشف إن مفيش حد يكتب بعقريه خالص في بداية حياته:
1_ الكاتب صغير السن جدا: يعني الطفل اللي في ابتدائي بيكون لسه بيتعمل أصول الكتابة فلما نقرأ له أعماله هنجدها اكبر من سنه بكثير و هو ده مقياس العبقرية.. هنا مش إن هو كتب بطريقه خارقه و لكن لأنه كتب بمستوى أعلى من أقرانه.بعض الأطفال لوحظ عليهم إنهم بيكتبوا مش بس أعلى من مستوى أقرنهم و لكن أعلى كمان من مستوى كتاب متمرسين و بعد دراسة حالتهم اكتشفوا إنهم تعلموا الكتابة في سن قبل المدرسة و حظوا باهتمام كبير في تعلم القراءة. بل وجد إن اغلب الاطفال اللى بيتعلموا فى كتاب لحفظ القرءان بيكون متقدمين لغويا و كتابيا لما بيدخلوا الدراسة. إذا هناك إعداد للطفل بيتم بدون قصد بيوصله للمستوى المتميز رغم صغر سنهو بكده ممكن نتوصل إن أي حد فينا لو عنده طفل يقدر ينمي جواه أي موهبة من صغره فيصبح متميزا عن أقرانه.
2_ الكاتب فوق الستين: نيجي للكاتب اللي يبدأ كتابته بعد مثلا خروجه على المعاش نلاقى النوع ده من الكتاب بيكتب باحترافيه عالية جدا كأنه بقاله قرون بيكتب و السبب في ده ليس سبب واحد لكن أهم الأسباب هي حصيلة الخبرات الحياتية مضاف إليها غزارة ما تم قراءته بالإضافة إلي خبرة في كتابة التقارير و الملاحظات في مجال العمل.
نأتي للشريحة الأخيرة من الكتاب و هي الشريحة الأكبر و الأعم و اللي بعتبر نفسي جزء منها
الكتابة بالنسبة للشريحة دي تبدأ في أي سن بمعنى ليس لها سن محدد ..
ظروف الكتابة بتكون هنا أسبابها كثيرة:
1_ بعضها بيرجع للتعرض لظروف قاسيه بتخلي الكتابة أحد وسائل التفريغ عن الأحداث دي.. و بتعد الكتابة في مثل تلك الحالات مثل الدموع التي تهدأ الشخص ..
2_ بعض الأشخاص بتكون ظروفهم إنهم بيقرأوا كثيرا و عايزين يكتبوا وجهة نظرهم فيما يقرأوه3_.. بعضهم بيكونوا مارسوا أكثر من هواية لكن لم تستطع أي منها تحقيق نوع من السعادة المنشودة ما عدا الكتابة ..و العديد من الأسباب الأخرى.
يعني أسباب و بداية الكتابة مختلفة من شخص لأخر حسب الظروف الخاصة بكل كاتب.. و بعض الظروف سعيدة و بعضها تعيسة.الشريحة الأكبر دي من الكتاب لما تبدأ الكتابة بتكون كتاباتهم بسيطة جدا بها الكثير من الأخطاء اللغوية و الإملائية و كمان في رسم المشهد و الإحساس و ساعات بتكون أفكارهم ضعيفة جدا و مكرره.لكن أكثر شيء بيميزهم هو قدرتهم على الكتابة..امتلاك أي إنسان القدرة دي يعد بداية لإمكانية التحول لكاتب و لكن أي نوع من الكتاب؟
الكتابة مش مجرد قصص و روايات و أشعار بس .. الكتابة متنوعة فهناك أيضا المسرح و النقد و المقالات بأنواعها لكن الملاحظ في عالم الكتابة إن أغلب الكتاب يبدوا كتاباتهم بالخواطر لأنها أكثر شيء بتحفز على الكتابة لارتباطها بالمشاعر الداخلية للفرد..و من الملاحظ إن مع الوقت تبدأ دائرة اهتمام الكاتب توسع و كمان اهتمامه بالكتابة يزيد.. بعض الكتاب يتحول عندهم الرغبة في الكتابة لمجرد تفريغ المشاعر إلي رغبة في كتابة الأفضل و من الأفضل إلي السعي خلف قراءة الآخرين لأعمالهم و إعجابهم بها و تحقيق شهره و من هنا نلاقى إن السبب للكتابة يختلف من مرحله لأخرى في حياة الكاتب و على أساس تغير السبب بيكون مستوى تغير و نوعية الكتابة و الأسلوب.إذا الكاتب لا يصبح كاتب بين يوم و ليله و لكن يحتاج للكثير من الوقت و الجهد بالإضافة لخلفية و خبرات أخرى عشان يوصل للعبقرية.. و الدليل على كده إننا ممكن فجأة نسمع عن كاتب متميز و كتابته رائعة و يحقق شهره كبيرة في أقل من سنة تفتكروا عبقريته في الكتابة ظهرت فجأة؟ أكيد لا .. جزء من النوعيات دي من الكُتاب بيكون سنهم كبير و بيكون ليهم أعمال كثيرة سابقة لم تحقق النجاح.. بعضهم بيكون في سن صغير لكن تعرضوا لما يمكن أن نسميه خبره حياتيه مبكرة زي مثلا طفله في الرابعة عشر من عمرها تؤلف كتاب. الطفلة دي لم تأتى على تأليف الكتاب دون اكتساب خبرات تؤهلها لذلك.و بكده نوصل للنقطة المحورية للدرس الأول لا أحد يبدأ الكتابة بعبقرية أبدا بل تتدرج كتاباتنا حتى تصل لمستوى العبقرية.
و من هنا نستفيد إن محدش يستهون بقلمه أبدا لأنك عزيزي الكاتب ممكن تملك قلم أقوى من الحاصلين على جائزة نوبل في الأدب و لكن تحتاج فقط إلى إظهار العبقرية و هذا هو الدرس الثاني من كيف تكتب رواية؟