الدرس الأول
نحن لا نبدأ بالكتابة العبقرية
أول حاجة لازم أي حد يعرفها إن مفيش حد بيتولد بيكتب بعبقرية علطول بدون ما يكون في مسببات توصله للعبقرية دي.. و الكلام ده لا يتناقض مع وجود أطفال عباقرة، فالطفل العبقري لا تظهر عبقريته دون وجود خلفيه للعبقرية دي و الخلفيات ممكن تكون سبب واحد أو أكثر من سبب يعني نلاقى إن في أكثر من كاتب في عائلته قد لا يكون حد منهم مارس الكتابة باحترافيه أو حتى حاول ينشرها بأي وسيله لكنه في الأخر بيكتب.. قد يكون حد من أسرته أو عائلته يهوى كتابة الخواطر أو المذكرات أو الشعر سواء في صغره أو كبره و احتفاظه بكتاباته طي الكتمان.و ممكن يكون حد في محيطه الأسري يهوى أي نوع من أنواع الفنون فالفنون ترتبط مع بعضها بعلاقة قوية و قد لا يكون كل ذلك فممكن يكون هناك هواية القراءة و الإطلاع. حتى إن بعض الدراسات أثبتت إن الجنين يشعر بالأغاني و القراءة و هو في رحم أمه و بعض الدراسات أوصت بتشغيل القرءان الكريم بجوار نساء حوامل لما له من أثر كويس على الجنين. و لو وقفنا قدام مسببات العبقرية لن نتوقف عن الشرح أبدا لكن اللي يهمنا من النقطة دي إن أي حد يكتب لازم تكون له خلفيه قبل بدأه بالكتابة العبقرية.
نيجي بقى لنقطه مهمة ثانيههل كل الناس تبدأ بالكتابة العبقرية حتى لو ليها الخلفيات دي؟ أكيد لا.. لأن في فروق فرديه كثيرة بين البشر، فبعض الناس يكتبوا في سن صغير قد يصل لابتدائي و بعضهم يبدأ كتابة بعد الستين.و لما نيجي نلاحظ الفرق بين الكاتب الذي يبدأ كتابه في السن الصغير و السن الكبير نكتشف إن مفيش حد يكتب بعقريه خالص في بداية حياته:
1_ الكاتب صغير السن جدا: يعني الطفل اللي في ابتدائي بيكون لسه بيتعمل أصول الكتابة فلما نقرأ له أعماله هنجدها اكبر من سنه بكثير و هو ده مقياس العبقرية.. هنا مش إن هو كتب بطريقه خارقه و لكن لأنه كتب بمستوى أعلى من أقرانه.بعض الأطفال لوحظ عليهم إنهم بيكتبوا مش بس أعلى من مستوى أقرنهم و لكن أعلى كمان من مستوى كتاب متمرسين و بعد دراسة حالتهم اكتشفوا إنهم تعلموا الكتابة في سن قبل المدرسة و حظوا باهتمام كبير في تعلم القراءة. بل وجد إن اغلب الاطفال اللى بيتعلموا فى كتاب لحفظ القرءان بيكون متقدمين لغويا و كتابيا لما بيدخلوا الدراسة. إذا هناك إعداد للطفل بيتم بدون قصد بيوصله للمستوى المتميز رغم صغر سنهو بكده ممكن نتوصل إن أي حد فينا لو عنده طفل يقدر ينمي جواه أي موهبة من صغره فيصبح متميزا عن أقرانه.
2_ الكاتب فوق الستين: نيجي للكاتب اللي يبدأ كتابته بعد مثلا خروجه على المعاش نلاقى النوع ده من الكتاب بيكتب باحترافيه عالية جدا كأنه بقاله قرون بيكتب و السبب في ده ليس سبب واحد لكن أهم الأسباب هي حصيلة الخبرات الحياتية مضاف إليها غزارة ما تم قراءته بالإضافة إلي خبرة في كتابة التقارير و الملاحظات في مجال العمل.
نأتي للشريحة الأخيرة من الكتاب و هي الشريحة الأكبر و الأعم و اللي بعتبر نفسي جزء منها
الكتابة بالنسبة للشريحة دي تبدأ في أي سن بمعنى ليس لها سن محدد ..
ظروف الكتابة بتكون هنا أسبابها كثيرة:
1_ بعضها بيرجع للتعرض لظروف قاسيه بتخلي الكتابة أحد وسائل التفريغ عن الأحداث دي.. و بتعد الكتابة في مثل تلك الحالات مثل الدموع التي تهدأ الشخص ..
2_ بعض الأشخاص بتكون ظروفهم إنهم بيقرأوا كثيرا و عايزين يكتبوا وجهة نظرهم فيما يقرأوه3_.. بعضهم بيكونوا مارسوا أكثر من هواية لكن لم تستطع أي منها تحقيق نوع من السعادة المنشودة ما عدا الكتابة ..و العديد من الأسباب الأخرى.
يعني أسباب و بداية الكتابة مختلفة من شخص لأخر حسب الظروف الخاصة بكل كاتب.. و بعض الظروف سعيدة و بعضها تعيسة.الشريحة الأكبر دي من الكتاب لما تبدأ الكتابة بتكون كتاباتهم بسيطة جدا بها الكثير من الأخطاء اللغوية و الإملائية و كمان في رسم المشهد و الإحساس و ساعات بتكون أفكارهم ضعيفة جدا و مكرره.لكن أكثر شيء بيميزهم هو قدرتهم على الكتابة..امتلاك أي إنسان القدرة دي يعد بداية لإمكانية التحول لكاتب و لكن أي نوع من الكتاب؟
الكتابة مش مجرد قصص و روايات و أشعار بس .. الكتابة متنوعة فهناك أيضا المسرح و النقد و المقالات بأنواعها لكن الملاحظ في عالم الكتابة إن أغلب الكتاب يبدوا كتاباتهم بالخواطر لأنها أكثر شيء بتحفز على الكتابة لارتباطها بالمشاعر الداخلية للفرد..و من الملاحظ إن مع الوقت تبدأ دائرة اهتمام الكاتب توسع و كمان اهتمامه بالكتابة يزيد.. بعض الكتاب يتحول عندهم الرغبة في الكتابة لمجرد تفريغ المشاعر إلي رغبة في كتابة الأفضل و من الأفضل إلي السعي خلف قراءة الآخرين لأعمالهم و إعجابهم بها و تحقيق شهره و من هنا نلاقى إن السبب للكتابة يختلف من مرحله لأخرى في حياة الكاتب و على أساس تغير السبب بيكون مستوى تغير و نوعية الكتابة و الأسلوب.إذا الكاتب لا يصبح كاتب بين يوم و ليله و لكن يحتاج للكثير من الوقت و الجهد بالإضافة لخلفية و خبرات أخرى عشان يوصل للعبقرية.. و الدليل على كده إننا ممكن فجأة نسمع عن كاتب متميز و كتابته رائعة و يحقق شهره كبيرة في أقل من سنة تفتكروا عبقريته في الكتابة ظهرت فجأة؟ أكيد لا .. جزء من النوعيات دي من الكُتاب بيكون سنهم كبير و بيكون ليهم أعمال كثيرة سابقة لم تحقق النجاح.. بعضهم بيكون في سن صغير لكن تعرضوا لما يمكن أن نسميه خبره حياتيه مبكرة زي مثلا طفله في الرابعة عشر من عمرها تؤلف كتاب. الطفلة دي لم تأتى على تأليف الكتاب دون اكتساب خبرات تؤهلها لذلك.و بكده نوصل للنقطة المحورية للدرس الأول لا أحد يبدأ الكتابة بعبقرية أبدا بل تتدرج كتاباتنا حتى تصل لمستوى العبقرية.
و من هنا نستفيد إن محدش يستهون بقلمه أبدا لأنك عزيزي الكاتب ممكن تملك قلم أقوى من الحاصلين على جائزة نوبل في الأدب و لكن تحتاج فقط إلى إظهار العبقرية و هذا هو الدرس الثاني من كيف تكتب رواية؟
فانتظروني