ينتظر كوب الشاي بشغف.. ينتظر ابتسامتها له بشغف.. ينتظرني بشغف... فالانتظار هو الشيء الوحيد الذي يفعله بشغف.. بل هو الشيء الوحيد الذي يسعى جاهدا إلي إتقانه. احترت كثيرا معه في أن يتعلم الفعل بدلا من رد الفعل لكنه يرفض. يرفض الفكرة كأني أحرضه على ممارسة الرذيلة أو أدعوه لتعلم الفساد.
شخصية عجيبة هو لكني لم استطع التخلي عنه.. فهو رغم كل شيء لا يزعجني بالمنزل.. بل لا اشعر بوجوده قط.. ربما يكون هذا مملا كثيرا لكن صمته يمتعني حين أحتاج للهدوء من صراخ الأطفال.
أنظر في عينيه لاستمتع بلمعتهما الزائفة.. اعلم أن خلفهما لغة أخرى وحده يتعامل معها.. لا يترك فرصة لي لأحتويها فهي عنده دوما ستنتهي لكنها لا تموت قط.
كعادته يعود كل ليلة متأخرا.. لا يتذمر حتى لو قصصت عليه ألاف القصص من المشاكل.. فقط يربت على رأسي بحنان قائلا:
_ تخلي عن تعجلك.. فالدنيا لا تعطي ملهوف.
ككل ليلة أندهش من جملته التي لا تخمد ثوراتي لكنها تستفزها فلا أفعل سوى الإشفاق عليه من الدنيا .. أنزوي في غرفتي.. انتظره ليدخل ورائي ليهدأني كعادته بشخيره المتعب من العمل طوال اليوم كي أغوص في عالمي الخاص مستمتعة باحلام لا وجود لها إلا في عقلي لكنه تلك المرة لا يأتي.. انتظر حضوره و أنا أنظر لعقارب الساعة.. تتوالى الدقات و لا يأتي.. اتذمر، فيومي سيموت دون احلام تعينني على احتماله و الغد الذي ينتظره، فأغادر سريري للشرفة لأجده جالسا مغمض العينين.. أشفق عليه لكني اتركه لاعود لسريري فالأهم أنه لن يطالبني بشيء بعد يومي المرهق.. كم أسعد بطيبته و طبيعته تلك. كم اتمنى سعادتي تدوم.. كم.. كم.
تتزايد الأمنيات في عقلي لكني لا استطيع أن اطرده منه، فأغادر السرير للمرة الثانية لأقنعه بالعودة معي حتى لو كان على حسابي.. لكنه يتركني لأنعم بالراحة الأبدية التي تمنيتها.
16 نوفمبر 2010