الحلقة الثالثة
كانت سهير ترتدى ملابسها بمساعدة قمر في صباح اليوم التالى للذهاب إلى المستشفي و حين غادرت المنزل وجدت زوجها ينتظرها أمام السيارة التى أقلتها إلى المزرعة فى اليوم الاول لها فى القرية، فعاودها الحزن مرة أخرى لتذكرها لكل الاحداث التى مرت بها خلال يومين فقط، فربتت قمر على كتفها حين رأت الحزن فى عينيها و جلست المرأتان فى الكنبة الخلفية فى حين جلس ماجد بالمقعد المجاور للسائق الذي بدا متحفظا فى جلسته بينما وقف شامل خلف نافذة شقته يتطلع إليها حتى انطلقت بهم السيارة.
لم تستغرق العملية وقت طويل و ما أن استردت سهير كامل وعيها حتى صممت على العودة إلى المزرعة، فخرجوا من المستشفى إلى أحد المطاعم لتناول الغداء دون أن يخرج أي منهم عن صمته، و حاول ماجد أن يجعلها تكلم اسرتها لكنها كانت ماتزال تشعر بالمرارة مما حدث و رفضت أن تشعرهم بفشلها فى الزيجة الوحيدة التى وافقت عليها.
و فى طريق العودة إلى القرية كان الصمت هو سيد الحوار بينهما، و لكن .. لا أحد منهم كان يعبأ بذلك، فماجد كان مشغول الفكر بتحديد الوقت المناسب لشرح كل شئ لها، و سهير تحاول أن تجد بصيص أمل لها حتى تقبل بالاستمرار في تلك الزيجة كى لا تضطر الى حمل لقب مطلقة بعد أربعة اشهر فقط من زواجها .
أما قمر فقد كانت تتطلع إلى الحقول الخضراء و هي تسأل نفسها عن سر ما يحدث لسهير بعد أن باتت على قناعة تامة من أنها ليست مريضة نفسية كما اعتقدت من كلام السائق من قبل و لكنها دفنت فضولها حتى لا تزيد من ذلك الجرح الذي كانت تشعر به قابعا في قلب جارتها اتجاه زوجها.. و سرعان ما تذكرت السيدة فتحية جارتها الأخرى زوجة محاسب المزرعة و فضولها الشديد اتجاه معرفة أخبار الغير فحمدت ربها على كونها تكون مسافرة مع زوجها في ذلك الوقت من العام لزيارة اقاربهما في الإسكندرية فوجودها كان من شأنه أن يزيد الأمور بين الزوجين اضطرابا . . بل .. ربما وصل الأمر إلى حد طلاق الزوجين التي تشعر نحوهما بالود الشديد كما لم تشعر من قبل. و لم يخلو تفكيرها من أخيها شامل الذى كانت حالته تقلقها بشدة و هى تراه منطويا و منقطع عن الكلام لاول مرة فى حياته دون أن تعرف سببا لحالته .
.~.~.~.
مرت ثلاث ليالى هادئة بصورة ظاهرية على ذلك المنزل الذى كانت الاحداث فيه مازالت عالقة، فقد أخذت الحالة النفسية لشامل تزداد سوءً مع كل يوم يمر و هو يرى الهدوء يغلف العلاقة بين الزوجين ، فى الوقت الذى يزداد هو أنجذابا لها على الرغم من عدم وجود أى حوار بينهما تقريبا، فما كان منه إلا أن أتخذ قراره بضرورة الرحيل دون الانتظار لاستردادها لصحتها.
و في اليوم الرابع فوجئ الزوجين بزيارة السيدة سوزان و زوجها الطبيب العالمى المعتزل حسين سلامة الصاحب الحقيقى للمزرعة لها:
_ كيف حالك عزيزتي؟
ردت سهير علي السيدة سوزان بابتسامة وهنه قائلة:
_ بألف خير. لم يكن هناك داعي للزيارة.
جلس الطبيب على مقعد قريب منها و هو يقول:
_ لقد تأخرت الزيارة كثيرا، فقد مررت بوعكة صحية الايام السابقة.
_ حمدا لله على سلامتك. لم يكن هناك داعي لترهق نفسك. فسيادتك الاولى بالزيارة.
أنطلقت ضحكة قصيرة من فم الطبيب و هو يقول:
_ أولا: لا داعى لسيادتك تلك فأنا أكره الرسميات، ثانيا: لا تقلقي بنيتي مازالت أكثر صحة من شباب هذا الجيل. المهم صحتك ِ انت ِ.
و دار حديث قصير بينهم قبل أن يقف الطبيب قائلا:
_ نريدك أن تستردي صحتك لنتشرف بزيارتك لنا قريبا.
نظرت سهير شذرا لزوجها، فها هي الان مدعوة لزيارة المنزل الذي أوهمها أنه سيكون منزلها غير أن قول الطبيب في تلك اللحظة:
_ سندعك لتستريحي.
حال دون تفجر الموقف بين الزوجين. لكن ما أن غادرا الشقة حتى قال ماجد:
_ سأعلن للقرية كلها ما فعلته بك ِ.
صرخت سهير فيه قائلة:
_ إياك أن تفعل.
فبدت الحيرة على ملامحه من ردة فعلها ثم قال بريبة:
_ هل اتخذت ِ قرارك النهائي؟
_ دعنا من الحديث في ذلك الامر الان، فأنا أريد أن أرتاح.
فغادر الغرفة فى الوقت الذي عادت فيه قمر إليها.
.~.~.~.
وضعت قمر صينية الطعام أمام جارتها و أخذت تثرثر في موضوعات عامة إلى أن قالت سهير:
_ لماذا تخليت ِ عن حياة المدنية المتجدده لتعيشي هنا وسط ذلك الهدوء المميت؟
بدت قمر مترددة لتجاوبها قبل أن تقول:
_ ليس لى انسان فى القاهرة حتى ابقى هناك من أجله.
فشعرت سهير بحاستها أن جملة قمر بها الكثير من الحزن لكنها لم تحاول سؤالها عن السبب بل تركتها تتكلم كما تريد.
تحدثت قمر عن والديها باستفاضة ثم قالت و هي تكفف دموعها بالمنديل:
_ لقد عوضنى الله كثيرا عن فقد والدي بشامل.
و أنطلقت تتحدث عن أخيها، طباعه ، صفاته، و عن شهامته. و استشعرت سهير أنها فى جملتها الاخيرة تقارنه بشخصية رجل أخر:
_ لا يوجد رجل يستطيع أن ينافس مكانة شامل فى قلبي.
ثم انهت كلامها قائلة قبل أن تنفجر فى البكاء:
_ و من يوم أن جئت هنا لم استطع أن أعود للقاهرة وحدي، فقد كانت كل زياراتي لها و شامل معي .. فهو بالنسبة لي الأب الذي حرمت منه.
و رغم أن سهير أصبحت على يقين من أن دموعها تسكب على رجل ثالث فى حياتها، إلا أنها أهتزت لذلك الحب الاخوى الذى تكنه قمر لشامل و الذى لم تكن تشعر به من قبل أتجاه أختها الوحيدة فقد كانت علاقتهما يغلفها الفتور الشديد على الرغم من محاولات أختها العديدة لتغيير ذلك الحال دون جدوى؛ فقد رفضت سهير أن تتعلق بأى انسان غير نفسها طوال سنوات عمرها الثمانية و العشرون.
كما تعجبت من ذلك الحب الابوى الذي لم تكن تحمل أية ذرة منه اتجاه والدها مما أشعرها بجحودها و تحجر قلبها، فانزعجت من نفسها كثيراً:
_ ألن يؤثر غيابك الكثير على عملك قمر؟
مسحت قمر دموعها و قالت و هي ترفع الصينية من على حجر سهير:
_ لا تقلقي. نحن فى الصيف و غيابي أمر طبيعي. سأتركك لبعض الوقت لاعداد الطعام لشامل.
_ حسنا و عذرا لازعاجكما.
_ توقفي عن تكرار هذا الكلام.
و أرادت سهير أن تدعو شامل لتناول الطعام مع زوجها كنوع من الشكر له على تعبه معها في الأيام السابقة، فقد كان يمر عليها كل يوم ليتأكد من استقرار حالتها الصحية لكنها لم تفعل بل أكتفت بالدعاء له في سرها فى الوقت الذي أنصرفت فيه قمر و تركتها وحيدة في الشقة لأول مرة منذ وصولها القرية .
.~.~.~.
يتبع
جميل يا إيمان :)
بدأت الأحداث تزيد والشخصيات يبان خلفياتها أكتر الحلقة دي
علي فكرة ايه طبيب معتزل دي هو لاعب !!:)
يلا بانتظار التكملة
نحياتي
:)
بسم الله الرحمن الرحيم
بدأت الأحداث تأخذ شكلاً أكثر مقبولية فالعقدة ها هنا لها ما يبررها وهو شعور سهير بالحزن عند مقارنتها لحالها وحال قمر وهذا ملمح جيد في العمل . ترى ماذا يكون دور صاحب المزرعة ولماذا ذهب بنفسه شخصيًا للاطمئنان عليها ؟ الرواية الآن تبدو أكثر منطقية وإن كنت أرجو منك الاهتمام بالأسلوب حتى لا يكون تقريريًا .
بالتوفيق
معلش بقى يا ايمان طبيب متقاعد ايه رايك في التغيير ده هههههههه
متقلقيش و لسه هيبان خلفيات أكثر مع كل حلقة
باذن الله أكملها.
أدعي لي
ـــــــــــــــ
اخي او اختي المجهول او المجهوله ادعي بس و أن شاء الله احاول بقدر الامكان انها تبعد عن التقريريه
انا ببذل جهدي و الباقي على ربنا
شكرا على الدعوه