إيمان عزمي

بريق الظلام

_ تعشقين رسم نفسك. اخترقت الجملة أذنيها فرفعت رأسها لتبصر صاحب الصوت. كانت نظراتها إليه يملؤها الدهشة لكنها لم تستطع أن تعلق فعادت إلي ورقتها تستكمل رسم النجوم دون أن تعبأ بوجوده. هي تعشق النجوم و كثيرا ما نأت بنفسها عن الرد على تعليقات الآخرين على رسمها لها لكنها لم تستطع أن تتجاهل هذا التعليق رغم تجاهل صاحبه. منذ متى بدأت رسم النجوم؟ لا تذكر، فقط تذكر أنه منذ زمن بعيد جدا يوم أن كانت تحمل لقب طفلة. كان مدرسوها يقولون عنها بلهاء لأنها لا تسعى إلي التفوق لتحصل على النجمات الذهبية على كراساتها لكنها طالما سخرت منهم لأنهم لم يستوعبوا أن نجماتهم الذهبية مزيفة مقارنة بنجماتها التي تزين كل أوراقها. في الجامعة كانت ورقة الأسئلة تتحول إلي لوحة نجوم فلا تسلم من مضايقات مراقبي الامتحانات لها. تتذكر أنها في يوم طلبت منها المراقبة تسليم الورقة مادامت توقفت عن الإجابة. يومها نظرت لها بسخرية و قالت و هي تعيد نظرها إلى ورقة الأسئلة: _ لم ينتهي الوقت بعد. هل كانت تساعدها النجوم على التذكر؟! كثيرا ما سألت نفسها ذلك السؤال دون إجابة فهي لم تحاول في يوم هجر نجومها. عاد صوت زميلها يخترق أذنيها و لكن تلك المرة و هو يجلس قبالتها قائلا: _ منذ أن عرفتك و أنت ِ كالنجمة التي لا تريد لأحد أن يصل إليها. بدا في عينيها أبله و هو يتظاهر أنه يعرفها عن قرب. و تجاهلته للمرة الثانية و استسلمت لنجماتها التي عادت لنقشها على كتابها. لكنها بدت تلك المرة نجمات حزينة على غير المعتاد و أثارت في نفسها شجن لم تعتده من قبل. هل هذا كله لأن كمال تحول خلال بضعة أشهر من طالب تكاد عينيه تلتهمها في أوقات الفراغ القليلة بين المحاضرات إلى معيد ميت الملامح أم أن الأمر لا يتعدى نوبة حزن من نوباتها التي اعتادتها؟ همت بإغلاق الدفتر على نجماتها الغالية الحزينة في الوقت الذي لمحت فيه كمال و هو يغادر المبني. و توقعت أن تخترق الغيرة ملامحه الجامدة لتعكر صفوها لكن عينيه مرت علي وجهها كمن ينظر من سيارة مسرعة، فاستكملت مغادرتها لكن الشاب استوقفها قائلا: _ هو يعرف أنه لن ينالكِ إلا بعد عشرون سنة على الأقل، فلا تحزني. فنظرت له قائلة بسخرية قبل مغادرة المكان: _ هل تُرى النجوم إلا في الظلام؟ 18/1/2009

التسميات: edit post
6 تعليقات
  1. غير معرف Says:

    جميله يا ايمى
    بس انا مفهمتش النهايه كانت مبهمه
    والمعنى العام المفروض كان يتوضح اكتر
    انا حسيتها اكنتر ما فهمتها بس دا لايمنع جمال اسلوبك الذى يجعلنى لا امل من قراءه اى عمل لكى
    تحياتى وفى انتظار المذيد
    اختك سلمى


  2. مرسي يا سلمي
    أنت ِ بس ارجعى أقريها كذا مره و أنتى هتستوعبي نهايتها
    و لو على حستيها أكتر فا ده المهم
    سلامي لك ِأختى


  3. غير معرف Says:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أختي العزيزة إيمان :
    أحمد راشد-العمل هذا أرسل لك كل التهنئة والتحية على إجادتك فيه. القصة هذه كانت كالومضة وأعجبني فيها التكثيف الشديد ،ومع ذلك كان الحوار حاضرًا فلم تكن فقط مجرد سرد .
    التعبير الذي أعجبني هو كمن يمر على سيارة مسرعة .كان هذا التعبير يحمل دلالات ثرية ومنها أن التشبيه بالآلة يعني حالة الجمود . كذلك القضية من منظورها الاجتماعي هامة جدًا وهي قضية مركبة الذي فهمته أنها موهوبة في مجال الرسم ،وأنها بحكم ثقتها بالنفس تجاوزت مراحل قد يقف عندها البعض.
    الذي أرجو توضيحه هل هذا الرجل كمال المعيد كان محبوبًا لديها قبل أن يكون معيدًا ؟وهل كان يحبهاهو الآخر ؟
    الذي فهمته من قرائتي العابرةإما أن يكون حبه إياها تغير بعدما صار معيدًا أو أنها هي التي لم تعد تحبه بعد أن صار معيدًا فهنا نكون في الاحتمال الأول قد أضفنا قضية أخرى إلى جانب قضية المواهب وهي الأنانية والمركز الاجتماعي أما الاحتمال الثاني فنكون قد أضفنا عقدة النقص لديها فهي كرهت محبوبها لمجرد أن أصبح أعلى مكانة منها.
    النهاية أعجبتني للغاية وهي أن المواهب لا تظهر إلا في الظروف الصعبة وكان هذا التعبير يحمل رؤية ثاقبة للغاية وعميقة رغم بساطة أسلوب الصياغة . القصة متميزة للغاية وأرى أنك لو شاركت بها في أي مسابقة ستكون بإذن الله من الأعمال المرشحة للفوز.
    أخيرًا توصيفك لكلمة الطفولة كان مدهشًا وفيه نقل لحالة الألم التي تمتزج بها
    كل من الطفولة والفشل ..أحسنت وإلى الأمام دومًا >


  4. شكرا لك أخى أحمد على تلك التحية و التهنئة
    نعم بها الكثير من الدلالات و يبدو أن بعضها قد وصلتك
    نهاية القصة أردت أن أوصل من خلالها رؤية معينة باسلوب غير معقد و غير سطحي و اشعر من كلامك أنني استطعت فعل ذلك شكرا لك أخى على متابعتك لأعمالى


  5. هل تُرى النجوم إلا في الظلام؟
    ...
    ان لم اقرأ من الموضوع سوي هذه الجمله لأكتفيت
    لم اكن انوي ان اترك تعليقا...ولكني اسرت حقا بهذه الكلمات القليله
    القصه في مجملها جيده وان كنت لا افضل ذكر الاسماء وافضل الاشاره الي الشخصيه.
    ورغم قصرها الا اني استمتعت حقا بشخصيه راسمه النجوم...مختلفه وحالمه...عاشقه للنجون والسماء ..مليئه بالمشاعر والتجارب..شخصيه ثريه مليئه بالامور التي تستحق التامل والشرود فيها
    ....
    وبس ده رأي
    ...
    www.startpoint-smf.blogspot.com


  6. شكرا أخي "واحد نفسه يتغير"
    و يسعدني أنها راقت لك