إيمان عزمي
تفاصيل
حاول أن يجبر جفنيه على الارتخاء علّ النوم يحاصر عينيه دون جدوى. سنتان من الصراع كل ليلة مع نفسه علّه يتعلم النوم و لكن دائما ما يجني الفشل. أعتدل في رقدته و هو يتأفف من جهاده اليومي مع النوم. تعلقت عينيه بها، فانتفض من رقدته و تناولها و ضمها إلى صدره و أطبق عليها حتى لا تغادره .. لكن سرعان ما أعادها إلي الحائط بعد ما تسللت الدموع إلى خديه. تطلع إليها فأرتجف قلبه كعادته كلما غاص بنظره في تفاصيل صورتيهما معا. ثم أغمض عينيه لا لينام فالنوم منذ فراقها عدوه اللدود. فقط كانت محاولة فاشلة أخرى له للهروب منها. سنتان وهو يحاول أن ينسَ. ينسي أول ضحكة، أول همسه، أول لمسة، أول قبله، أول ليلة جمعتهما معا في تلك الغرفة. أول شارع سارا فيه معا و هي تتأبط ذراعه و تضحك ضحكتها العذبة قائلة: _ أخيرا أصبحت زوجي. أول مطعم تناولا فيه غداءهما و هما زوجين و أخر وجبة لهما. أول مصيف و أخر مصيف. سنتان تطارده ذكرى تلك الليلة. تطلع بعينيه و قد تقرحتا من طول السهاد إلي السرير حيث كانت تضحك للمرة الأخيرة. كانت تضحك بهستيرية لم يعهدها فيها من قبل. كانت تصرخ مالئة الغرفة بصخب كصخب الأطفال. تضحك و تقبل جبينه ثم تضحك و تعود و تقبل خديه و تضحك و .... حاول أن يجاريها في سعادتها يومها لكن حزنا غريبا تسلط علي قلبه و أحتل نفسه. سألته كثيرا عن سر عبوسه و هي تداعبه علّه يضحك لكنه لم يكن يفهم، فكيف يشرح؟! حاول أن يفسر الأمر لنفسه لكنه لم يكن يعلم يومها أنه يشعر أن تلك هي .. ليليتها الأخيرة معه. مازال يراها كل صباح بنفس الرقدة. كان عليها أن تكون في المطبخ تعد له الطعام لكنها ذلك الصباح ظلت راقدة دون حركه. كلمها فلم تجاوبه، اشتاط غيظا فهو لم يتعود منها الهجر. أمسكها بعنف من ذراعيها لكن يده المفزوعة من برودتها سقطت في الحال جواره. رحلت في هدوء و لم تعطيه الفرصة كي يتأسف.
.~.~.~.
أزاح ستائر الغرفة. و سرح ببصره عبر النافذة الزجاجية. هنا كانت تنتظره كي تراه و هو عائد من عمله. و تنتظره و هو عائد ليلا بعد سهرة مع أصدقاءه. لم تعاتبه يوما على إهماله لها. و لم تشتكيه لأحد قط و رغم ذلك تعودت على شكوته المستمرة منها. دلف إلي ( البلكون ) و جلس على المقعد الخشبي الوحيد بها. أحس بكيانها يخترقه. فعلى ذلك المقعد كانت تجلس وحيده أغلب الوقت تفكر فيه و في تنظيم حياته. لم يستطع أن يتحمل إحساسه بأنها كانت هنا أياما و ليالي وحيده صابره عليه. هرب سريعا إلي غرفة المعيشة. كان السكون هو صاحب الأمر و النهي في المكان، فتحرك على أطراف أصابعه كأنه خائفا من إيقاظه فلم يكن هناك أحد في الشقة معه غيره. تطلع إلى الصمت للحظات لكنه لم يستطع أن يكتم ضحكة هربت من فمه لتسخر من نفسه. تذكر همساتها: _ أريد طفلا منك. و تذكر عنده كي ينعم بهدوئه: _ لا. فتح التلفاز كي يسمع صوتا غير صوت أنفاسه الغاضبة منه لكن.. حتى التلفاز تعلم عنده و أذاع تلك الأغنية التي عشقتها يوما. أغلقه بعنف و وقف يبحث عن ركن لا يحمل ذكرها لكن هيهات. الآن تيقن أن وقته معها قد مات. **************
التسميات: edit post
0 تعليقات