نزيف روح
( بعض من نفسي)
عدة أشهر مرت على تلك المحنة التي أدخلتني في أسوء موجة إكتئاب تعرضت لها في حياتي. كنت اعتقدت بعد فترة أن المحنة انتهت. لكنني اكتشفت أنني أعيش في وهم صنعته لنفسي دون أن أدري। و اليوم فقط ظهر كل شيء علي السطح بعد أن ظل يحدث و أنا في غفلة .
هل أخبرتكم من قبل عن تجربتي في الكتابة. بالطبع لا. فلست من هواة الحديث عن النفس. ربما هي طبيعتي و ربما لأني تعودت أن أستمع لهموم الآخرين و لا يسمع أحد همومي غير نفسي. لكن عودة تلك المحنة للظهور جعلني في حاجة إلى الحديث حتى و لو كان مع خيالات بشر أصنعهم لمحادثتهم .
منذ عدة أشهر كتبت فصل في رواية تفاعلية ( و الرواية التفاعلية لمن لا يعرفها عبارة عن رواية يكتبها أكثر من فرد كل فرد يكتب فصل ينزله ثم يقرأه من يليه و يكمل على أساسه.) المهم تمت مهاجمة الفصل الذي كتبته و كانت النتيجة أن طلبت إحالة الموضوع للإشراف في المنتدى الذي أنزلت به الفصل، فتم تغيير الوصف لا المضمون و اسعدنى الأمر. فما اهتم به هو توصيل فكرة الفصل أيا كان أسلوب الوصف. و لكن فوجئت بأن الأعضاء الكرام بالمنتدى يتحدثون عنى من خلف ظهري و يعتبروني كاتبة مشاهد ساخنة. بل سألني البعض ما إذا كان لدى مخزون من تلك الكتابات ليقرأه. و سألني الآخرين كيف توصلت إلى تلك المعلومات التي يعتبرونها لا تعرف إلا عن طريق مشاهدة الأفلام المخلة بالآداب. بعضهم شجعني على كتابة مثل تلك الأنواع. بعضهم أخبرني أني أساهم في نشر المفاسد دون أن أدرى. و البعض بدأ يعاملني على أنى فتاة فاسدة الاخلاق.
حقا إنها تجربة مريرة أتمنى ألا يمر بها أحد. فقد تركت في نفسي أحساس بالمهانة. و كما قال أحد الزملاء الأفاضل لي من قبل: ذلك الفصل أساء لك ِ بشدة و مازال سيسيء.
فالحمد الله الذي أعطاني القدرة على التغيير، فقد قمت بتغيير الجزء المثار حوله الجدل كلية. و أتمنى من الله ألا أتعرض لمثل ذلك الموقف مرة أخرى. فكم هو قاسي أن يعاملك الآخرين على أنك تحمل شخصية سيئة ليست بك لمجرد أنك كتبت جزء لم تقصد به سوى توضيح فكرة نبيلة.
تفاصيل
حاول أن يجبر جفنيه على الارتخاء علّ النوم يحاصر عينيه دون جدوى. سنتان من الصراع كل ليلة مع نفسه علّه يتعلم النوم و لكن دائما ما يجني الفشل. أعتدل في رقدته و هو يتأفف من جهاده اليومي مع النوم. تعلقت عينيه بها، فانتفض من رقدته و تناولها و ضمها إلى صدره و أطبق عليها حتى لا تغادره .. لكن سرعان ما أعادها إلي الحائط بعد ما تسللت الدموع إلى خديه. تطلع إليها فأرتجف قلبه كعادته كلما غاص بنظره في تفاصيل صورتيهما معا. ثم أغمض عينيه لا لينام فالنوم منذ فراقها عدوه اللدود. فقط كانت محاولة فاشلة أخرى له للهروب منها.
سنتان وهو يحاول أن ينسَ. ينسي أول ضحكة، أول همسه، أول لمسة، أول قبله، أول ليلة جمعتهما معا في تلك الغرفة. أول شارع سارا فيه معا و هي تتأبط ذراعه و تضحك ضحكتها العذبة قائلة:
_ أخيرا أصبحت زوجي.
أول مطعم تناولا فيه غداءهما و هما زوجين و أخر وجبة لهما. أول مصيف و أخر مصيف.
سنتان تطارده ذكرى تلك الليلة. تطلع بعينيه و قد تقرحتا من طول السهاد إلي السرير حيث كانت تضحك للمرة الأخيرة. كانت تضحك بهستيرية لم يعهدها فيها من قبل. كانت تصرخ مالئة الغرفة بصخب كصخب الأطفال. تضحك و تقبل جبينه ثم تضحك و تعود و تقبل خديه و تضحك و ....
حاول أن يجاريها في سعادتها يومها لكن حزنا غريبا تسلط علي قلبه و أحتل نفسه. سألته كثيرا عن سر عبوسه و هي تداعبه علّه يضحك لكنه لم يكن يفهم، فكيف يشرح؟! حاول أن يفسر الأمر لنفسه لكنه لم يكن يعلم يومها أنه يشعر أن تلك هي .. ليليتها الأخيرة معه.
مازال يراها كل صباح بنفس الرقدة. كان عليها أن تكون في المطبخ تعد له الطعام لكنها ذلك الصباح ظلت راقدة دون حركه. كلمها فلم تجاوبه، اشتاط غيظا فهو لم يتعود منها الهجر. أمسكها بعنف من ذراعيها لكن يده المفزوعة من برودتها سقطت في الحال جواره. رحلت في هدوء و لم تعطيه الفرصة كي يتأسف.
.~.~.~.
أزاح ستائر الغرفة. و سرح ببصره عبر النافذة الزجاجية. هنا كانت تنتظره كي تراه و هو عائد من عمله. و تنتظره و هو عائد ليلا بعد سهرة مع أصدقاءه. لم تعاتبه يوما على إهماله لها. و لم تشتكيه لأحد قط و رغم ذلك تعودت على شكوته المستمرة منها.
دلف إلي ( البلكون ) و جلس على المقعد الخشبي الوحيد بها. أحس بكيانها يخترقه. فعلى ذلك المقعد كانت تجلس وحيده أغلب الوقت تفكر فيه و في تنظيم حياته. لم يستطع أن يتحمل إحساسه بأنها كانت هنا أياما و ليالي وحيده صابره عليه.
هرب سريعا إلي غرفة المعيشة. كان السكون هو صاحب الأمر و النهي في المكان، فتحرك على أطراف أصابعه كأنه خائفا من إيقاظه فلم يكن هناك أحد في الشقة معه غيره. تطلع إلى الصمت للحظات لكنه لم يستطع أن يكتم ضحكة هربت من فمه لتسخر من نفسه.
تذكر همساتها:
_ أريد طفلا منك.
و تذكر عنده كي ينعم بهدوئه:
_ لا.
فتح التلفاز كي يسمع صوتا غير صوت أنفاسه الغاضبة منه لكن.. حتى التلفاز تعلم عنده و أذاع تلك الأغنية التي عشقتها يوما. أغلقه بعنف و وقف يبحث عن ركن لا يحمل ذكرها لكن هيهات. الآن تيقن أن وقته معها قد مات.
**************
من أجل الحب
من أجل الحب ..
أتركني اشعر أنى أحبك.
أتركني ابحث عن لحظاتك.
أتركني أتذوق..
خيالي و خيالك.
أتركني الهث وراء شعاعا
من حبك.
أتركني أعيش نفسي
حتى أعيشك.
.~.~.~.
من أجل الحب
دعنى حتى أعانى.
فأعرف معنى الحب.
من أجل الحب
أترك لي مساحة..
كي أتنفس فيها الحب.
.~.~.~.
من أجل الحب
دعينى أقول أنى أحبك،
فالعمر قصير.
دعينى..
أتوه في قلبكِ،
أخاف عليكِ،
أعود إليكِ
فالشوق مرير।
**********