إيمان عزمي
أبو البنات
_ اصمتي، لم اعد أحتمل. ابتلعت ريقها و قد أنزفتها جملته ثم قالت بعد لحظة صمت: _ هل أكذب عليك حتى لا أجرحك؟! أنت تعلم أنى لا أستطيع أن أخفي شيء عنك. و رغم ذلك لم تكمل كلامها فقد ابتلعت باقي الحوار و غادرت المكان. لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يتجادلان فيها لنفس السبب. لكنها أحست أنه كان قاسيا اليوم عليها لذا آثرت الصمت. لحق بها و جذبها من معصمها و لفها لتواجهه. كانت زخات الدموع تخترق قلبه قبل أن تسقط من مقلتيها، فمسحها بكفه قائلا: _ تعلمين كم أتألم كلما لفظتي باسم رجل غيري. ارتجفت من لمسة يده الحانية فانتفضت خطوات مبتعدة عنه، فلطالما هزت كيانها و أربكتها رغم كل تلك الأعوام. كانت غاضبة من ثورته عليها لكن نظرة حزينة واحدة منه تكفي لتذيب غضبها و لو كان ملئ الدنيا.بل إطلالة واحدة حزينة من عينيه تكفي لتغضب من نفسها طول العمر. كادت أن تنطق لكنه وضع كفه على فمها قائلا: _ لا تنطقين فقد صرخت عينيك ِ بكل شيء. ابتسمت فأشرق وجهها و وجهه و هي تقول: _ و بما صرختا يا أبو البنات؟ أطلق زفرة حارة و تمنى للمرة المليون لو يحذف اسمه من شهادة ميلاده ليكتب بدلا منه لقبه لديها " أبو البنات" جذبها من خصرها حتى قضى على المسافة بينهما و هو يقول: _ يا لك ِ من امرأة. تستطيعين إخماد ثورتي في لحظة بذلك اللقب لتشعلي غيرها. ثم همس قائلا: _ أعشقك ِ أيتها الحورية. و كاد أن يقبلها لولا: _ بابا .. بابا .. _ بابا.. بابا.. تراجعا مبتعدين سريعا للخلف ليجدا ابنتيهما قد حملتا باقة من الورد الصناعي الكائن في مزهرية غرفة الصالون، ففغر فاه الزوجين و قال الزوج و قد جلس على ركبتيه ليضم ابنتيه إلى صدره: _ ما هذا؟! هنا ابتسمت الطفلة الكبرى و قالت بعد أن وضعت قبلة على خد والدها: _ إنه الورد الذي تتصالحا به دائما.
التسميات: edit post
3 تعليقات
  1. غير معرف Says:

    جميل جدا استكري


  2. أختي العزيزة صمت الكلام :
    بعد طول غياب أعود مرة أخرى لأواصل مسيرة أعمالك الإبداعية المتمحورة في مجالي القصة والخاطرة.
    هذه الخاطرة هي مجرد عربة في قطار الإبداع الممتد من اللاشئ إلى المجهول بحثًا عن طريق النور وكلي يقين أنه يشتد وضوحًا يومًا بعد يوم .
    ربما كان من الضروري الاستفادة من بعض ردودك على تعليقاتي في المنتدى أقلام متمردة ومن هنا أقول إن خاطرة "كل ما أ ردته أن أبكي " حينما قرأت ردك على تعليقي استطعت أن أتبين بعض ملامح أسلوب الكتابة لديك وفي تصوري القابل للإبطال أن هذه الملامح :

    *اللحظية : فأنت لا تكتبين الخاطرة إلا وهي طازجة بكل ما بها من أحاسيس ومشاعر متداخلة مختلطة وهنا يحسب للأديب حرصه على أن يجعل كل شيء تحت آشعة راداره الخاص اللحظية التي أتحدث عنها هي حالة متموجة لا تعني كثيرًا بالتفاصيل المنطقية الدقيقة.. إنها لحظات صفاء يشعر الفرد فيها بالرغبة في البكاء أو الربت على كتفه أو الانفجار والبوح بمكنون ما فيها لهذا تجئ أعمالك تحمل زخمًا من المشاعر لسان حال صاحبها\صاحبتها دعني أبوح بما في الفؤاد.
    *الواقعية: فالأعمال التي تكتبينها كلها تدور في فلك مشاكل الحياة الاجتماعية حتى البوح فهو وليد هذه التفاعلات الحياتية.
    * السجية : فأنت تكتبين -حسب ما استنتجت من أعمالك- ما يأتي على سجيتك مطبوعًا بروحك الإنسانية التي يحلو لها جعل الخير كالطائر المختنق .. لا أكاد أراك تتبادلين الأدوار أو تتكلفين أو تعيشين شخصًا غير شخصك أي كأني من خلال عملك أراك ِ بطبيعتك في الحياة العادية .
    ومن هنا .. في ظل هذه المتغيرات الثلاث (هل شوقتك لما سوف أقول؟) نبدأ في تحليل العمل الأدبي أبو البنات
    لحق بها و جذبها من معصمها و لفها لتواجهه. كانت زخات الدموع تخترق قلبه قبل أن تسقط من مقلتيها، فمسحها بكفه
    أراك هنا تغلبين العاطفة وبحكم السجية الطيبة لك ِ آثرت الاستسلام لحالة تستبطن ما بداخلك وتعكس رؤيتك لما تودين أن تكون عليه الحياة الزوجية حتى وقت الخلاف هذا تصوري القابل للإبطال أعجبتني للغاية زخات الدموع تخترق قلبه وهنا مع ارتفاع الإيقاع الصاخب والعنيف والذي يبعث التساؤلات عما سيفعل أراك تغلبين منطق الخير والجمال وتجعلينه رقيقًا ليناً يتحكم في أعصابه (على عكس الرجل الآخر في خاطرة كل ما أردته أن أبكي )
    من المنطقي أن أقبل ردة الفعل هذه لكن ينبغي أولاً أن يكون هذا الهدوء له ما يبرره ..والسؤال هل هذا الاتزان العاطفي له ما يبرره في العمل؟ هذا ما تجيب الأسطر القادمة عنه .
    تعلمين كم أتألم كلما لفظتي باسم رجل غيري
    في تصوري الشخصي المتواضع أن هذا الموقف ليس هو الموقف الذي يكون من المنطقي أن يهدأ فيه ربما لو كان هذا الرجل الآخر أخاها أو والدها أو حتى قريبًا لها وله أفضال عليها لكان الموقف مقبولاً لكن في ضوء ثنائية اللحظية والسجية بشكل والسجية بشكل خاص آثرت هذا السلوك الذي جاء في غير وقته. من المبررات التي تبعث على حنوّه عليها أن تكون مصابة بمرض نفسي أو أزمة قلبية.. صرع وكلها مواقف إنسانية من المنطقي أن تغير في كيان الرجل قبل مرور جزء من الثانية لذلك أرجو إعادة النظر مرة أخرى في منطقية الانفعالات.
    كانت غاضبة من ثورته عليها لكن نظرة حزينة واحدة منه تكفي لتذيب غضبها و لو كان ملئ الدنيا.بل إطلالة واحدة حزينة من عينيه تكفي لتغضب من نفسها طول العمر.
    أيضًا غلّبت منطق العاطفة والإنسانية المتبادلة رغم أن سلوكًا كذلك كفيل بأن يصيبها بانكسار لأبد الدهر .
    كادت أن تنطق لكنه وضع كفه على فمها
    هنا أراك تراهنين على لغة عيون يكتشفها المتلقي وهذا أمر جيد وهنا ارى الموقف تحول وبدأ يميل للمرح أو زوال الغضب بشكل تام
    و بما صرختا يا أبو البنات؟
    هنا أقول : وما هو نمط ثقافة هذا المجتمع؟ أعتقد أن اسم أبو البنات ينتشر في الوسط الشعبي بينما انفعالات الرجل وتصرفاته الرقيقة توحي بأنه من بيئة ارستقراطية.
    يا لك ِ من امرأة. تستطيعين إخماد ثورتي في لحظة بذلك اللقب لتشعلي غيرها
    من المؤكد في هذه اللقطة لحظة في غاية التألق والحنوِّ وكأن الشمس لن تسطع على اثنين سواهما ... اختيارك للقطة جميل . المشكلة تكمن في أنها لقطة قد لا تتسق مع السياق الموقفي أو مع المستوى الثقافي الذي يوحي به هذا الاسم.
    و كاد أن يقبلها
    هذا أمر جميل ، فطول المدة لم يطبع قبلة واحدة مما يدل على استغراقهما في حالة التعانق وكذلك تظل لغة العيون متحركة معنا حتى أنها أخرت موعد القبلة ..إحساس سليم بالوقت والانفعالات .
    الورد الصناعي
    كان من الممكن أن تجعلي لهذه الكلمة إيقاعها الذي يغذي العمل الأدبي من خلال الرمزية لكنك لم تنتبهي بعد إليه . الورد الصناعي أو الاصطناعي للدقة اللغوية كان يمكن أن يأتي كتعبير عن الوهم أو الحب الكاذب الذي سرعان ما يتحول إلى شبة خيانة من ناحيتها وشبه عنف من ناحيته.
    قالت بعد أن وضعت قبلة على خد والدها:
    ً إنه الورد الذي تتصالحا به دائما.

    جميلة هذه النهاية التي توحي بأننا إزاء مسلسل يحمل الطابع الإنساني الراقي في الحياة الزوجية وهي نهاية جميلة على العموم تتماشى مع طبيعة الزوجين والأبناء وتعطي الانطباع بأرستقراطية الأسرة .
    هنا لاحظي بدقة شديدة كيف كان اسم أم البنات اسمًا يشبه حضور رجل من الصعيد لحفلة عمر خيرت بالجلباب والعمامة ، وكيف أثر سلبًا على انطباعاتي شخصيًا وقد يكون هذا انطباع أكثر من قارئ .. الحالة متشتتة بين اسم يوحي بمستوى شعبي وسلوك يدل على واقع أرستقراطي .أخيرًا رمز الأخت الكبرى لم يستثمر جيدًا كان يمكن أن يدل على سلطوية أي أن الأكبر هو الذي يطبع القبلة ومن ناحية القبلة تُطبع على خد الطرف الأقوى وهو الأب بينما الأخت الصغرى التي يفترض أنها (أروبة) كانت مهمشة تمامًا .

    القصة في مجمل الأمر جميلة للغاية وإن كان الحدث عاديًا لكنك عبرت عنه بأسلوب كاد أن يكون غير عادي . فقط انتبهي إلى هذين العنصرين(السجية- اللحظية ) حتى لاتهدرين قيمة العمل الأدبي الذي تكتبينه.
    ما زال العنوان -كما ذكرت فنًا مستقلاً بذاته -أرجو أن تتمكني منه مستقبلاً . أنا أشعر بأعمالك تتماس مع جزء من المشاعر الشخصية لي والتي تتسرب لي في لحظات الهدوء والصمت والصفاء والليل.
    أعمالك جميلة وموفقة وتتطور بشكل مستمر لولا هذه الهفوات البسيطة وأرجو أن يأتي عمل نقول عنه (الحلو تم).


  3. أخي العزيز طواف البحر ، تقول أنك رددت عليا في منتديات أقلام متمردة فهل ممكن أن تخبرني باسمك به.
    أولا: يسعدني متابعتك للمدونة و اعمالي.
    ثانيا: اتفق معك في " حينما قرأت ردك على تعليقي استطعت أن أتبين بعض ملامح أسلوب الكتابة لديك وفي تصوري القابل للإبطال أن هذه الملامح :اللحظية و السجية و الواقعية".
    ثالثا و هو الأهم:
    تقول في تعليقك على جزء ((
    لحق بها و جذبها من معصمها و لفها لتواجهه. كانت زخات الدموع تخترق قلبه قبل أن تسقط من مقلتيها، فمسحها بكفه قائلا: _ تعلمين كم أتألم كلما لفظتي باسم رجل غيري))
    " في تصوري الشخصي المتواضع أن هذا الموقف ليس هو الموقف الذي يكون من المنطقي أن يهدأ فيه ربما لو كان هذا الرجل الآخر أخاها أو والدها أو حتى قريبًا لها وله أفضال عليها لكان الموقف مقبولاً لكن في ضوء ثنائية اللحظية والسجية بشكل والسجية بشكل خاص آثرت هذا السلوك الذي جاء في غير وقته. من المبررات التي تبعث على حنوّه عليها أن تكون مصابة بمرض نفسي أو أزمة قلبية.. صرع وكلها مواقف إنسانية من المنطقي أن تغير في كيان الرجل قبل مرور جزء من الثانية لذلك أرجو إعادة النظر مرة أخرى في منطقية الانفعالات."
    ما رأيك أخي الكريم أن هناك مثل تلك الشخصية التي يمكن من قمة ثورتها تهدأ لو رأت دمعة واحدة في عيني محبوبته. نعم أخي العزيز هناك مثل هذا الرجل ذو القلب الأبيض و هناك تلك المرآة التي:
    (( كانت غاضبة من ثورته عليها لكن نظرة حزينة واحدة منه تكفي لتذيب غضبها و لو كان ملئ الدنيا.بل إطلالة واحدة حزينة من عينيه تكفي لتغضب من نفسها طول العمر.
    أيضًا غلّبت منطق العاطفة والإنسانية المتبادلة رغم أن سلوكًا كذلك كفيل بأن يصيبها بانكسار لأبد الدهر .))
    فشخصية الرجل و زوجته كلاهما يحملان النقاء لذا تجد كل منهما يسرع بإزالة الحزن من عيني الأخر لذا استحقا بعضهما عن جدارة و استحقا حياتهما معا.
    " و بما صرختا يا أبو البنات؟
    هنا أقول : وما هو نمط ثقافة هذا المجتمع؟ أعتقد أن اسم أبو البنات ينتشر في الوسط الشعبي بينما انفعالات الرجل وتصرفاته الرقيقة توحي بأنه من بيئة ارستقراطية."
    أخي الكريم حتى الرجل الأرستقراطي يعشق أن يلقبه الآخرون بأبو الرجال فالرجل بطبعه يحب أن يفتخر بإنجابه الولد و لكننا هنا أمام رجل له طبيعة خاصة فتجده يعشق البنات حتى أنه يجد سعادته في أن يلقب بذلك اللقب و الذي يعني أننا أمام شخصية فريدة من نوعها.
    بالنسبة لـ: " الورد الصناعي . كان من الممكن أن تجعلي لهذه الكلمة إيقاعها الذي يغذي العمل الأدبي من خلال الرمزية لكنك لم تنتبهي بعد إليه . الورد الصناعي أو الاصطناعي للدقة اللغوية كان يمكن أن يأتي كتعبير عن الوهم أو الحب الكاذب الذي سرعان ما يتحول إلى شبة خيانة من ناحيتها وشبه عنف من ناحيته. "
    أري أنني قد أخفقت في اختيار الكلمة فكان يكفي أن اذكر كلمة الورد فقط. فانا لا احتاج منها سوى توضيح أن الورد يمكن أن ينهي موقف عصيب بين الزوجين لإيحاءاته.
    بالنسبة للأخت الصغرى هي مثل الفراشة التي تقف لتتفرج فقط فليس كلهن اروبات لكن الكبرى كما قلت لها فعلا الكلمة العليا لذا قامت بكل الدور.