خيرٌ من ألف طائر
***************
ظلت تتأمل ذلك الوجه المشع بنوره الرباني التي لا تتوقف شفتا صاحبته عن التمتمة بالدعوات طوال الوقت. و للحظات تمنت أن تملك نصف ما تملكه تلك المرأة من نفس ٍ طاهرةٍ لكنها كلما نظرت إلي صفحات حياتها المكتوبة تمنت أن لم تكن ولدت قط.
غادرت الغرفة لتنكفئ على نفسها في صومعتها.. تتجول في أيامها الماضية، و تتصفح أوهاما رسمتها و مازالت بيد محترفة.. لم يكن ذاك الطريق الذي شقته لنفسها بجنون يرهبها لكنها الآن باتت تختنق كلما تذكرت ما ردمته من أشياء من أجله.انفتحت تلك الصفحة في ذاكرتها علي دمعة هربت من عينه و هي تخبره أن يرحل عن عالمها و تمنت لو عادت لتمسحها بيدين كانت تحملان البراءة منذ زمن بعيد لكنها (لو) اللعينة دائما تسبق الجمل الميتة.
تناثرت الذكريات بعقلها و بدت أشبه بقصاصات ممزقة لكنها رغم ذلك لملمت شتات نفسها و جلست تدون في قلبها مشاعر لم تغادرها قط رغم التشوهات التي تزداد بداخلها.. نظرت عبر المرآة و انجلت الحقيقة فها هي تدفع ثمن اختياراتها..و ها هو على بعد خطوات من شرفتها يتمتع بطائره الوديع بين يديه و الذي خير منها تلك التي تساوي ألف طائر على الشجرة.
التحام
*********
هل غادرتنا الأشياءُ.. و أكتفي الغم بنا؟
أم أن طائرنا الحزين.. يأتي دوما قبلنا؟
لستُ أدري أي يوم .. يرتجي أشواقنا؟
يكتوي القلبين لكن .. حبنا يبقي هنا.
زادنا الصبر التحامًا .. كي نعاند حظنا
نرسم الأحلام مارد.. ينكسر الصعب لنا
يشقى كل من يكرر.. موت أمانينا دنا
طلاق
*******
تجلس شامخة.. تضع عينيها في عينيه، كأنها تتحداه رغم طريق الحزن المحفور بهما.. تبدو كأنها تخبره ألا يحاول إحياء أمل مات على يديه أما هو فتتوسل القطرات في عينيه لها أن تصرخ بلا. تقرأ صرخته .. تحاول بيأس أن تفتش في ذكرياتهما عما يساعدها لتساعده .. تتجول بعينيها في أركان شقتها، فلا يزور عقلها سوى ذكريات الدموع.
تتصفح ذكرياتها مع تجول عينيها في أركان المكان. هنا في هذا المقعد الجالس عليه الآن تعلمت البكاء لتأخره المستمر دون أن يجيب على هاتفها حتى احترفته. و على تلك الكنبة نامت مع دمعتها ليال طويلة دون أن يلاحظها فعلمت أنه لا طائل من الدموع سوى الكآبة فهجرتها. و في تلك الغرفة لطالما كانت تخبره قبل زواجهما أنها غرفة الأحلام لكنها لا تتذكر منها سوى محدثاتهما الفاشلة كي لا تأتى تلك اللحظة.
تخرج من شرودها على صوت الرجل الغريب يسألها للمرة الأخيرة فتقول و هي تنظر له و قد ملأت عينيها الدموع:
_ طلقني الأمل و طلقته منذ سنوات و اليوم جاء دوره.
أتأمل الأشياء فلا اعرف..
هل هي كما هي أم أن كلها تحمل بداخلها عكس حقيقتها؟!
احتار ..
هل تصدقُ حساباتي الكثيرة
أم أنى لا أفقه شيء في عالم الأرقام؟!
ربما لو أعرف أين تكمن مفاتيح اللغز لهدأت نفسي كثيرا؟!
لكن الغموض يزداد في كل الموجودات.
تتقاذفني أمواج الأمل و اليأس في آن واحد
كأنهما لا يجدا على وجه البسيطة غيري ليلعبا به..
يُفتح باب و يُغلق غيره،
ثم يفتح غيره فيغلق غيره
و لا يوجد باب يصل للأخر
بل جميعهم ينتهون بأسوار متينة مغلقة.
و تظل الأشياء مرهونة بالمجهول.